التخيير بين غسل مخرج الغائط بالماء أو مسحه بالأحجار 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9402


ــ[359]ــ

بما يسمّى غسلاً (1) ولا يجزئ غير الماء ، ولا فرق بين الذّكر ، والاُنثى ، والخنثى (2) كما لا فرق بين المخرج الطبيعي وغيره معتاداً أو غير معتاد (3) وفي مخرج الغائط مخيّر (4) بين الماء والمسح بالأحجار أو الخرق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيه إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مع أنه لم يذكر في الكلام يحتاج إلى قرينة معينة ولا قرينة عليه .

   (1) لموثقة يونس وصحيحة زرارة المتقدِّمتين(1) وغيرهما من الأدلّة القائمة على اعتبار الغسل في تطهير المتنجِّسات .

   (2) لاطلاق الأخبار الدالّة على التعدّد ، نعم لو بنينا على كفاية المرة في المقام لاختص ذلك بالرجال ، وذلك لأن عمدة الدليل على هذا القول روايتان إحداهما : موثقة يونس بن يعقوب . وثانيتهما : رواية نشيط وهما مختصتان بالرجال .

   أمّا الموثقة فبقرينتين إحداهما : قوله (عليه السلام) «يغسل ذكره» وثانيتهما قوله : «ويذهب الغائط» وذلك لأن الاذهاب بمعنى الازالة ولو بالتمسح بالخرق والمدر ، والاستنجاء بغير الماء إنما يتم على الأغلب في الرجال ، لأن من البعيد في النساء أن لا  يصل بولهن إلى حواشي مخرج الغائط ، ومعه لا يكتفى بالتمسح في الاستنجاء منه . وعلى الجملة إن موردها الذكر فهي مختصة بالرجال ، نعم لو كان مورد الموثقة شيئاً قابل التحقق في النساء تعدينا من الذّكر إلى الاُنثى أيضاً بقاعدة الاشتراك في التكليف كما إذا كان السؤال فيها عن الغسل . وأمّا الرواية فاختصاصها بالرجال أظهر من سابقتها لقوله (عليه السلام) فيها : «مثلا ما على الحشفة من البلل» .

   (3) كل ذلك لاطلاق الأخبار ، نعم لو قلنا بكفاية المرّة في مخرج البول اختص ذلك بالمخرج الطبيعي ، لورود الروايتين المتقدمتين في الذّكر والحشفة ولا مناص معه من الالتزام بالتعدد في غير المخرج الطبيعي والخنثى .

   (4) لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «لا صلاة إلاّ بطهـور

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المتقدِّمتان في ص 352 .

ــ[360]ــ

إن لم يتعد عن المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويجزئك من الاستنجاء ثلاثة أحجار ، بذلك جرت السنة من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأما البول فانّه لا بدّ من غسله» (1) وغيرها من الأخبار الواردة في المقام ، فان قوله (عليه السلام) يجزئ يدلنا على جواز الاجتزاء في الاستنجاء بالتمسح ولا دلالة لها على تعينه ، ومعه يجوز الاقتصار بالماء أيضاً ، بل الاستنجاء به أفضل كما يأتي عن قريب . مضافاً إلى المطلقات والأخبار الواردة في كفاية الغسل بالماء (2) .

   ثم إن الاستنجاء بالماء أو بالتمسح مختص بما إذا نجس الغائط شيئاً من ظاهر البدن وأطراف المقعدة ، وأما إذا خرج من غير أن ينجس شيئاً من ظاهره ـ  كما قد يتفق  ـ فالظاهر عدم وجوب شيء منهما ، لعدم تنجس الباطن وعدم وجوب غسله ، وإنما يجب الغسل في ظواهر البدن ومع عدم تنجسها لا مقتضي للغسل والتطهير ، واحتمال وجوب الغسل أو التمسح تعبداً يندفع بأنه يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه .

   (1) قد يتعدّى الغائط إلى جسم آخر غير متصل بمخرجه ، كما إذا طفر وأصاب رجله أو فخذه ، ولا كلام حينئذ في تعيّن الغسل بالماء ، لأنه جسم متنجس مباين لمخرج الغائط فلا يكفي فيه التمسح بوجه ، وقد يتعدى إلى ما هو متصل بالمخرج زائداً على المقدار المتعارف ، كما إذا استنجى قائماً لأنه يستلزم إصابة الغائط بالاليتين وغيرهما زائداً على المعتاد المتعارف في الاستنجاء ، وفي هذه الصورة أيضاً يتعيّن غسل المقدار الزائد بالماء ولا يكفي فيه التمسح لعدم صدق الاستنجاء عليه ، نعم لهم كلام في أن المسح هل يكفي في تطهير المخرج حينئذ أو أنه كالمقدار الزائد لا بدّ من أن يغسل بالماء ؟

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 315 / أبواب أحكام الخلوة ب 9 ح 1 .

(2) كموثقة عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال « ... وإن خرج من مقعدته شيء ولم يبل فانّما عليه أن يغسل المقعدة وحدها ولا يغسل الاحليل» . وفي جملة اُخرى منها : «إنما عليه أن يغسل ما ظهر منها  ـ يعني المقعدة ـ  وليس عليه أن يغسل باطنها» الوسـائل 1  :  346  / أبواب أحكام الخلوة ب 28 ح 1 ، ب 29 ح 2 وغيرها .

 
 

ــ[361]ــ

   وإلاّ تعيّن الماء (1) وإذا تعدى على وجه الانفصال ، كما إذا وقع نقطة من الغائط على فخذه من غير اتصال بالمخرج ، يتخيّر في المخرج بين الأمرين (2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   والصحيح كفاية التمسح للاطلاقات، فهو مخيّر في تطهير المخرج بين التمسح والغسل وإن كان الغسل في المقدار الزائد على المعتاد متعيناً . ويتعدى ثالثاً إلى حواشي المخرج بالمقدار المتعارف المعتاد ، والظاهر كفاية التمسح في الزائد ، لأن المسح بالخرق ونحوها قد كان متعارفاً في تلك الأزمنة ، والأخبار الواردة في الاجتزاء به ناظرة إلى الاستنجاء المتعارف ، ولا كلام في أن التعدي إلى حواشي المخرج أمر معتاد وإن كان لا يتعدى إليها أحياناً ، إلاّ أن المتعارف هو التعدي وعدم كفاية التمسح حينئذ يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه ، إلاّ أن يقوم الاجماع عليه وهو أمر لا نحتمله فضلاً عن الظن أو الاطمئنان به ، حيث إن لازم ذلك تخصيص روايات التمسح بالاجماع وحملها على المورد النادر وهو كما ترى .

   وأما ما نسبه الجمهور إلى علي (عليه السلام) من أنه قال : «كنتم تبعرون بعراً وأنتم اليوم تثلطون ثلطاً فأتبعوا الماء الأحجـار» (1) فهو على تقدير صـدوره ، مندفـع بأن الأخبار الواردة في جواز الاكتفاء بالتمسح إنما صدرت عنهم (عليهم السلام) في عصر السعة والرخاء متأخراً عن عصر علي (عليه السلام) ومع ذلك كيف يمكن الالتزام بمفاد الرواية . على أن لازمها تخصيص الأخبار الواردة في المقام بالموارد النادرة وهو أمر لا نحتمله .

   (1) كما مرّ .

   (2) تقدّم وجهه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نسبه إلى علي (عليه السلام) ابن قدامة في المغني 1 : 182 / 218 وابن الأثير في النهاية 1 : 220 وابن منظور في لسان العرب 7 : 268 وقد ينسب إلى الحسن البصري كما في بدائع الصنائع ج 1 ص  21 .

ــ[362]ــ

ويتعيّن الماء فيما وقع على الفخذ (1) والغسل أفضل من المسح بالأحجار (2) ، والجمع بينهما أكمل (3) ولا يعتبر في الغسل تعدد بل الحد النقاء وإن حصل بغسلة (4)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لما عرفت .

   (2) لما رواه جميل بن دراج عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في قول الله عزّ وجلّ : (إِنَّ اللهَ يحبّ التَّوّابِينَ وَيحبّ المتَطَهِّرِين ) قال : كان الناس يستنجون بالكرسف والأحجار ، ثم اُحدث الوضوء وهو خلق كريم ، فأمر به رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وصنعه فأنزل الله في كتابه (إِنَّ اللهَ يحبّ التَّوّابِينَ وَيحبّ المتَطَهِّرِين ) »(1) وغيرها من الأخبار .

   (3) لم يظهر لنا معنى أكملية الجمع ، نعم هو جمع بين الأمرين ولا إشكال في جوازه . وأما ما ورد عن علي (عليه السلام) «فأتبعوا الماء الأحجار» (2) فقد عرفت أنه حديث عامي ، والحكم باستحباب الجمع بذلك مبني على القول بالتسامح في أدلة السنن ، واستحباب ما بلغ فيه الثواب ولو بطريق غير صحيح ، وأما بناء على ما  سلكناه في محله من أن أخبار من بلغ لا دلالة لها على استحباب العمل ، وإنما تدل على ترتب الثواب على إتيانه برجاء الثواب والاستحباب ، وأنها إرشاد إلى حسن الانقياد (3) فلا يمكننا الحكم باستحباب الجمع وأكمليته بالخبر الضعيف ، لأن الاستحباب كالوجوب حكم شرعي لا يثبت إلاّ بحجة معتبرة .

   (4) لحسنة ابن المغيرة عن أبي الحسن (عليه السلام) قال «قلت له : للاستنجاء حد ؟ قال : لا ، ينقي ماثمة ...» (4) وموثقة يونس بن يعقوب قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال ؟ قال:

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 355 / أبواب أحكام الخلوة ب 34 ح 4 .

(2) المتقدِّمة في ص 361 .

(3) مصباح الاُصول 2 : 319 .

(4) الوسائل 1 : 322 / أبواب أحكام الخلوة ب 13 ح 1 ، 358 / أبواب أحكام الخلوة ب 35 ح  6 ، 3 : 439 / أبواب النجاسات ب 25 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net