[ 417 ] مسألة 20 : إذا دار الأمر في حال الضرورة بين استعمالهما أو استعمال الغصبي قدّمهما (2) .
ـــــــــــــــــــــــ
(2) وهذا لا لأن أدلّة حرمة الغصب بلسان «لا يحل مال امرئ مسلم إلاّ بطيبة نفسه» (2) «ولا يحلّ لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه» (3) وهي أقوى دلالة من الأدلّة الدالّة على حرمة استعمال الآنيتين ، حيث إنها بلسـان «لا ينبغي» أو «الكراهة» كما تقدم ، والنهي إنما ورد في بعضها ، وذلك لأن الأقوائية في الدلالة أو
ـــــــــــــ
(2) الوسائل 5 : 120 / أبواب مكان المصلي ب 3 ح 1 .
(3) الوسائل 9 : 540 / أبواب الأنفال ب 3 ح 7 .
ــ[312]ــ
السند إنما هي من المرجحات في المتعارضين وأما في باب التزاحم الذي لا تنافي ولا تكاذب فيه بين الدليلين بحسب الجعل ـ لامكان ثبوت المتزاحمين كليهما في الشريعة المقدّسة ، نعم قد يكونان متنافيين في مرحلة الامتثال من جهة عجز المكلف عن صرف قدرته في امتثالهما ـ فلا تكون الأقوائية في الدلالة أو السند موجبة لتقديم أحدهما على الآخر ، بل قد يتقدم أضعفهما دلالة أو سنداً على أقواهما من الجهتين لأهميته بحسب الملاك ، ومن هنا قد تتقدم السنة على الكتاب عند تزاحمهما كما إذا كان مدلولها أهم وأقوى بحسب الملاك ، ومقامنا هذا من هذا القبيل حيث لا تعارض ولا تكاذب بين أدلّة حرمة الغصب وأدلة حرمة استعمال الآنيتين ، فان كلتا الحرمتين ثابتتان في الشريعة المقدّسة إلاّ أن المكلف في خصوص المقام غير قادر على امتثالهما معاً ، لفرض اضطراره إلى الشرب من الآنية المغصوبة أو من آنيتهما ، ومع التزاحم لا قيمة لأقوائية الدلالة أو السند ، هذا .
على أن «لا ينبغي» أو «الكراهة» على ما قدمناه لا يقصران في الدلالة على الحرمة عن قوله : «لا يجوز» أو «لا يحل» . أضف إلى ذلك أن الأدلّة غير منحصرة بالأخبار المشتملة على «لا ينبغي» و «الكراهة» لما تقدّم(1) من أن جملة من الأخبار الواردة هناك تشتمل على لفظة النهي ، فليراجع .
بل الوجه في ذلك أن حقوق الناس أهم من حقوق الله سبحانه ، فكلما دار الأمر بينها وبين حق الله محضاً تقدمت حقوق الناس لأهميتها ، فهي الأولى بالمراعاة عند المزاحمة ، وبما أن حرمة استعمال الآنيتين من حقوق الله المحضة بخلاف حرمة التصرّف في المغصوب ، لأن فيها حق الناس أيضاً ، فلا محالة تتقدّم الحرمة فيه على الحرمة في الآنيتين ، لأن حق الناس إذا كان محرز الأهمية من حق الله سبحانه فلا كلام في تقدّمه ، وإذا كان مشكوك الأهمية فالأمر أيضاً كذلك ، للقطع بعدم الأهمية في حق الله سبحانه ، فهما إما متساويان أو أن حق الناس أهم ، ومع كون أحد المتزاحمين محتمل الأهمية يتقدّم على ما لا يحتمل فيه الأهمية .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 278 الطائفة الاُولى .
|