الدليل الثاني: ما عن جماعة من أنّ المولى لو أمر عبده بخياطة ثوب ونهاه عن الكون في مكان خاص، فلو خاطه في ذلك المكان لعدّ عاصياً للنهي عن الكون فيه، ومطيعاً لأمر الخياطة. وغير خفي أنّ هذا الدليل غير قابل للاستدلال به، وذلك أمّا أوّلاً: فلأنّ الغرض من الخياطة يحصل بايجادها في الخارج، سواء أكان إيجادها في ذلك المكان المخصوص المنهي عنه أم لا، وسواء فيه القول باتحاد الخياطة مع الكون
ــ[27]ــ
فيه فرضاً أو القول بعدم اتحادهما معه. وأمّا ثانياً: فلأن متعلق الأمر هنا غير متعلق النهي، فانّ متعلق الأمر خياطة الثوب، ومتعلق النهي هو الكون في ذلك المكان، ومن المعلوم أنّ أحدهما غير الآخر وجوداً وماهيةً، وعليه فلا مانع من أن يكون أحدهما متعلقاً للأمر والآخر متعلقاً للنهي، ولا يلزم من القول بالامتناع في المسألة القول بالامتناع هنا أبداً كما هو واضح.
|