ــ[1]ــ
الحمد لله ربّ العالمين ، والصّلاة والسّلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين ، واللّعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين .
ــ[2]ــ
ــ[3]ــ
دوران الواجب بين النفسي والغيري
إذا علم بوجوب شيء وتردّد أمره بين الوجوب النفسي والغيري ، أو بين التعييني والتخييري ، أو بين العيني والكفائي فما هو مقتضى الأصل والقاعدة في ذلك ؟ فهنا مسائل ثلاث : أمّا المسألة الاُولى : وهي ما إذا دار أمر الوجـوب بين النفسي والغيري فالكلام فيها يقع في مـوردين : الأوّل : في الأصل اللّفظي . والثاني : في الأصل العملي . أمّا المورد الأوّل : فلا ينبغي الشك في أنّ مقتضى الأصل اللفظي كعموم أو إطلاق هو النفسي ، وذلك لأنّ بيان وجوب الغـيري يحتاج إلى مؤونة زائدة باعتبار أ نّه قيد للواجب النفسي ، ومن الواضح أنّ الاطلاق لا يفي لبيان كونه قيداً له . وعلى الجملة : فالتقييد يحتاج إلى مؤونة زائدة ، مثلاً لو كان لقوله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ )(1) إطلاق فمقتضاه عدم تقييد الصلاة بالطهارة أو نحوها ، فالتقييد يحتاج إلى دليل ومؤونة زائدة ، والاطلاق ينفيه ، ولازم ذلك هو أنّ وجوب الطهارة المشكوك نفسي لا غيري. وكذا إذا أخذنا باطلاق الأمر بالطهارة، فان مقتضاه وجوبها مطلقاً ، أي سواء أكانت الصلاة واجبة أم لا ، فتقييد وجوبها بوجوب الصلاة يحتاج إلى دليل .
ـــــــــــــــــــــ (1) البقرة 2 : 43 .
ــ[4]ــ
وقد تحصّل من ذلك : أ نّه يمكن إثبات نفسية الوجوب بطريقين : الأوّل : الأخذ باطلاق دليل الواجـب النفسي كالصلاة مثلاً ، ودفع كل ما يحتمل أن يكون قيداً له كالطهارة أو استقبال القبلة أو نحو ذلك ، ولازم هذا هو أنّ الواجب المحتمل دخله فيه كالطهارة مثلاً نفسي ، وهذا اللاّزم حجّة في باب الاُصول اللفظية . الثاني : الأخذ باطلاق دليل الواجب المشكوك في كونه نفسياً أو غيرياً ، وذلك لأنّ وجوبه لو كان غيرياً فهو مشروط بطبيعة الحال بوجوب واجب آخر نفسي ، وإن كان نفسياً فهو مطلق وغير مقيّد به ، وعليه فإذا شكّ في أ نّه نفسي أو غيري فمقتضى إطلاق دليله وعدم تقييده بما إذا وجب شيء آخر هو الحكم بكونه نفسياً ، والفرق بين الاطلاقين هو أنّ الأوّل تمسك باطلاق المادة ، والثاني تمسك باطلاق الهيـئة ، فاذا تمّ كلا الاطلاقين أو أحدهما كفى لاثبات كون الواجب نفسياً . وأمّا المورد الثاني : فسيأتي(1) الكلام فيه في بحث مقدمة الواجب إن شاء الله تعالى بشكل موسع فلا حاجة إلى البحث عنه في المقام .
ـــــــــــــــــــــ (1) في ص 222 .
|