ــ[91]ــ
كتاب الشّهادات
ــ[92]ــ
ــ[93]ــ
فصل
في شرائط الشهادة
الأوّل : البلوغ ، فلا تقبل شهادة الصبيان (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بلا خلاف ولا إشكال في غير المميّز منهم، وكذلك في المميّز على المشهور شهرة عظيمة ، بل لم يعرف الخلاف من أحد ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :
منها : صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) ، قال : في الصبي يشهد على الشهادة «فقال : إن عقله حين يدرك أ نّه حقّ جازت شهادته»(1) .
ومنها : معتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ شهادة الصبيان إذا أشهدوهم وهم صغار جازت إذا كبروا ما لم ينسوها»(2)، ومثلها معتبرته الثانية(3).
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 342 / كتاب الشهادات ب 21 ح 1 .
(2) الوسائل 27 : 342 / كتاب الشهادات ب 21 ح 2 .
(3) الوسائل 27 : 343 / كتاب الشهادات ب 21 ح 4 .
ــ[94]ــ
نعم ، تُقبل شهادتهم في القتل إذا كانت واجدة لشرائطها ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنها : صحيحة محمّد بن حمران ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن شهادة الصبي ، قال : «فقال : لا ، إلاّ في القتل ، يؤخذ بأوّل كلامه ولا يؤخذ بالثاني»(1) ، وقريب منها صحيحة جميل(2) .
ثمّ إنّ هناك عدّة روايات تدلّ على قبول شهادة الصبي :
منها: صحيحة أبي أيّوب الخزّاز ، قال : سألت إسماعيل بن جعفر متى تجوز شهادة الغلام ؟ «فقال: إذا بلغ عشر سنين» قلت : ويجوز أمره ؟ قال : «فقال : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) دخل بعائشة وهي بنت عشر سنين ، وليس يدخل بالجارية حتى تكون امرأة ، فإذا كان للغلام عشر سنين جاز أمره وجازت شهادته»(3) .
ومنها : معتبرة عبيد بن زرارة ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن شهادة الصبي والمملوك «فقال : على قدرها يوم اُشهد تجوز في الأمر الدون ، ولا تجوز في الأمر الكبير»(4) .
ومنها : معتبرة طلحة بن زيد ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) ، عن علي (عليه السلام) «قال : شهادة الصبيان جائزة بينهم ما لم يتفرّقوا أو يرجعوا إلى أهلهم»(5) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 343 / كتاب الشهادات ب 22 ح 2 .
(2) الوسائل 27 : 343 / كتاب الشهادات ب 22 ح 1 .
(3) الوسائل 27 : 344 / كتاب الشهادات ب 22 ح 3 .
(4) الوسائل 27 : 344 / كتاب الشهادات ب 22 ح 5 .
(5) الوسائل 27 : 345 / كتاب الشهادات ب 22 ح 6 .
ــ[95]ــ
ويؤخذ بأوّل كلامهم (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن شيئاً من ذلك غير قابل لمعارضة الروايات المتقدّمة :
أمّا صحيحة أبي أيّوب الخزّاز : فهي ليست رواية عن المعصوم (عليه السلام) فلا حجّيّة فيها . على أنّ الاسـتدلال بها ـ على جواز شهادة الصبي بدخـول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعائشة وهي بنت عشر سنين ـ واضح البطلان .
وأمّا معتبرة عبيد بن زرارة فهي رواية شاذّة مهجورة ومشتملة على ما هو مقطوع البطلان من عدم جواز شهادة المملوك في الكبير ، فلا بعد في ورودها مورد التقيّة ، على أنّ متنها مجمل ، فإنّ الكبر والصغر أمران متضايفان وليس لهما واقع معلوم ، فالشيء الواحد كبير بالإضافة إلى شيء ، وصغير بالإضافة إلى شيء آخر .
وأمّا معتبرة طلحة بن زيد : فهي تدلّ على جواز شهادة الصبيان بينهم ما لم يتفرّقوا ، ولا دلالة فيها على جواز شهادتهم على غيرهم . على أ نّها لو كانت مطلقة للزم تقييدها بموارد الشهادة على القتل على ما سنبيّنه إن شاء الله تعالى .
(1) على المشهور شهرة عظيمة ، وتدلّ عليه عدّة روايات :
منها : صحيحة محمّد بن حمران المتقدّمة .
ومنها : صحيحة جميل ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : تجوز شهادة الصبيان؟ «قال: نعم، في القتل ، يؤخذ بأوّل كلامه ولا يؤخذ بالثاني منه»(1) .
واشتراط بعضهم في قبول شهادة الصبي بلوغه عشر سنين .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 343 / كتاب الشهادات ب 22 ح 1 .
ــ[96]ــ
وفي قبول شهادتهم في الجرح إشكال (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولايعرف له وجه ظاهر إلاّ أنّ يستند في ذلك إلى صحيحة أبي أيّوب الخزّاز المتقدّمة ، وقد عرفت أ نّها ليست بحجّة .
ومنهم من اشترط في قبول شهادة الصبيان أن لا يتفرّقوا ، واستندوا في ذلك إلى معتبرة طلحة بن زيد المتقدّمة .
ولكنّك عرفت أنّ موردها شهادة الصبيان فيما بينهم لا مطلقاً ، فالظاهر قبول شهادتهم في القتل مطلقاً .
واشترط في النهاية في قبول شهادتهم أن يكون إجماعهم على أمر مباح(1) ، وتبعه على ذلك جماعة ممّن تأخّر عنه .
ولم يعرف له أيّ وجه ، فإنّ الصبي قد رفع عنه القلم ، فلا فرق بين أن يكون اجتماعهم على أمر مباح أم على غيره .
(1) وجه الإشكال : أنّ النصوص خاصّة بالقتل ، فالتعدّي عن موردها إلى غيرها يحتاج إلى دليل، فإن تمّ الإجماع ـ كما عن الخلاف والانتصار والغنية (2) ـ فهو ، وإلاّ فلا موجب للتعـدّي ، والظاهر أنّ الإجماع غير تامّ ، لمخالفة فخر المحققين في المسألة صريحاً (3) ، وعن الأردبيلي (رحمه الله) نسبة الخلاف إلى غيره أيضاً (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لاحظ النهاية : 331 وراجع الخلاف 6 : 270 .
(2) الخلاف 6 : 270 ، الإنتصار : 505 ـ 506 ، الغنية : 440 .
(3) الشرائع 4 : 127 ـ 128 .
(4) مجمع الفائدة والبرهان 12 : 292 .
|