ولكن هذا فيما إذا كان في البين وجوبان ، ولا دليل في المقام على تعدّد الوجوب وأمّا في من ضلّ
هديه فقد ذكرنا (2) أنه يجب عليه هدي آخر ، وإن وجده بعد ذبحه الثاني ذبح الأول أيضاً على
الأحوط ولا يكتفي بالهدي الثاني ، إلاّ أن ذلك في الحج والمفروض في مقامنا أنه مصدود وممنوع من
إتيان أعمال الحج ، فلا موضوع لوجوب هدي الحج عليه ولا دليل على إرسال هدي آخر إلى المذبح
. ولو تنزلنا عما ذكرنا وقلنا بوجوب بعث الهدي وإرساله ، ولكن قد تقدم منّا أنه ليس ذلك حكماً
تكليفياً تعبّدياً ، بل هو أمر ارشادي إلى التحلل ، فله أن يبقى على إحرامه ولا يذبح ولا يرسل الهدي ،
فليس الذبح كطواف النساء فانه واجب مستقل تعبدي يوجب التحلل من النساء ، وأمّا الأمر بالذبح
فلا يظهر من الرواية ولا من الآية أنه واجب تعبّدي وليس أمراً مولوياً وإنما أمر به للخروج من
الاحرام والتحلل منه ، فلا مورد للتداخل حتى يقال بأن التداخل على خلاف الأصل ، فما ذكره
المشهور من الاكتفاء بما سـاقه هو الصحيح ، فله أن يذبحه في مكانه ويتحلل به ، وله أن يرسله إلى
المذبح ويتحلل ببلوغ الهدي محله .
فرع : لو وجب عليه هدي كفارة أو نذراً فهل يكتفي بهدي التحلل أم لا ؟
الظاهر هو التفصيل، أمّا بالنسبة إلى الكفارة فالصحيح عدم التداخل وعدم الاكتفاء بهدي التحلل ،
لأن الظاهر من الدليل هو وجوب الكفارة عليه وجوباً مستقلاًّ غير هدي التحلل ، وكل منهما أمر
يباين الآخر ، ولكل منهما حكم خاص مباين للآخر
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محاضرات في اُصول الفقه 5 : 118 .
(2) في ص 259 .
|