ــ[292]ــ
بقي شيء : وهو أنه هل يعتبر في صوم الثلاثة أن يصومها بمكة أو يصح مطلقاً ؟
لم أر من تعرض لذلك نفياً وإثباتاً سوى شيخنا الاُستاذ (قدس سره) في مناسكه(1) صرح بعدم
الاعتبار وأنه يصح مطلقاً، نعم لابدّ من وقوع صيامها في ذي الحجة، وقبل الرجوع إلى بلاده ، إلاّ أن
الظاهر من الروايات أن يصومها في مكة ، لصحيحة معاوية ابن عمار «فان فاته ذلك وكان له مقام بعد
الصدر (2) صام ثلاثة أيام بمكة ، وإن لم يكن له مقام صام في الطريق» (3) .
ولصحيحة ابن مسكان ، قال : «يصوم ثلاثة أيام ، قلت له : أفيها أيام التشريق ؟ قال : لا ، ولكن
يقيم بمكة حتى يصومها» (4) .
ونحوهما صحيح ابن سنان «ولكن يقيم بمكة يصومها» (5) .
وظاهر جميع ذلك هو الوجوب ولا قرينة لرفع اليد عن ظهورها ، ولا تصريح في الروايات بجواز
الاتيـان به في غير مكـة ، ولا ندري أن الاُستاذ النائيني (رحمه الله) استند إلى أيّ شيء .
ويظهر من متن التهذيب لزوم الاتيان بالصوم في مكة ، لقوله : ومن فاته صوم هذه الثلاثة الأيام
بمكة لعائق يعوقه أو نسيان يلحقه فليصمها في الطريق إن شاء (6) ، ويعلم من هذه العبارة أن محل هذا
الصوم مكة إلاّ إذا كان ممن له عذر من نسيان أو عائق يعوقه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) دليل الناسك (المتن) : 388 .
(2) الصدر : الرجوع كالمصدر والاسم بالتحريك ، ومنه طواف الصدر أي الرجوع . ثم قال في
القاموس والصدر محركة : اليوم الرابع من أيام النحر . القاموس المحيط 2 : 68 .
(3) الوسائل 14 : 186 / أبواب الذبح ب 47 ح 4 .
(4) الوسائل 14 : 192 / أبواب الذبح ب 51 ح 2 .
(5) الوسائل 14 : 191 / أبواب الذبح ب 51 ح 1 .
(6) التهذيب 5 : 233 .
|