ــ[137]ــ
مسألة 342 : من لم يتمكن من السعي بنفسه ولو بحمله على متن إنسان أو حيوان ونحو ذلك
استناب غيره فيسعى عنه ويصح حجّه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
يقيد بالتمكن لأدلّة نفي الحرج .
فالوجوب التعييني للاستنابة ساقط ولكن الوجوب المباشري المستفاد من صحيح معاوية بن عمار
نحتمل تعيينه فيؤخذ باطلاقه .
فالنتيجة : أنه مع التمكن على السعي بنفسه لا تجزئ الاستنابة ، فان إطلاق صحيح معاوية بن عمار
مقيد بالقدرة وعدم الحرج فلا ينتقل الفرض إلى الاستنابة إلاّ بعد العجز عن السعي بنفسه .
(1) مراتب السعي ثلاث :
الاُولى : أن يسعى بنفسه .
الثانية : أن يُسعى به ، بأن يحمله إنسان فيسعى به .
الثالثة : الاستنابة ، فان السعي فريضة كما صرح بذلك في الروايات(1) في مقابل الرمي الذي هو
سنة ، فلا يسقط السعي بوجه وحاله حال الطّواف ، فان الفريضة لا تسقط بحال ، فالواجب أن يأتي
بنفسه أو بالاطافة به أو عنه ، هذا ما تقتضيه القاعدة .
على أن إطلاق الروايات يقتضي ذلك ، فان الطّواف المطلق الوارد في الروايات يصدق على السعي
، وقد اُطلق الطّواف في الآية والروايات على السعي ، فالروايات المتقدّمة(2) الدالّة على الطّواف
بنفسه وبه وعنه تشمل السعي أيضاً ، خصوصاً الروايات الدالّة على أنه يطاف عنه ويصلي ويرمي ،
وهذا شاهد على إرادة السعي من الطّواف أيضاً ، وإلاّ فلا معنى لترك السعي مع أنه فريضة ، فالمراتب
الثلاثة المذكورة في الطّواف تجري في السعي أيضاً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 485 / أبواب السعي ب 1 ح 1 ، 6 ، 7 .
(2) في الصفحة 135 .
ــ[138]ــ
مسألة 343 : الأحوط أن لا يؤخِّر السعي عن الطّواف وصلاته بمقدار يعتد به من غير ضرورة
كشدة الحر أو التعب ، وإن كان الأقوى جواز تأخيره إلى اللّيل نعم ، لا يجوز تأخيره إلى الغد في حال
الاختيار (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
(1) بعد ما عرفت من تأخير السعي عن الطّواف وصلاته فالمشهور بينهم جواز تأخيره إلى الليل
وعدم تأخيره إلى الغد . وعن ظاهر المحقق في الشرائع جواز تأخيره إلى الغد (1) كما فهمه غير واحد
من عبارته ولم يعلم مستنده .
ونقل الحدائق عن الشهيد أنه قال بعد نقل ذلك عن المحقق : وهو مروي ، ولكن الرواية لم تصل
إلينا (2) .
ومن المحتمل أن الشهيد أراد من الرواية صحيحة ابن مسلم الدالة على التأخير المطلق (3) .
وأمّا جواز التأخير إلى الغد بخصوصه فلا رواية فيه .
وكيف كان ، فلا ريب أن الصحيح ما ذكره المشهور ، وأمّا النصوص الواردة في المقام :
فمنها : صحيح ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «سألته عن الرجل يقدم مكة وقد
اشتدّ عليه الحر فيطوف بالكعبة ، ويؤخّر السعي إلى أن يبرد ، فقال : لا بأس به ، وربما فعلته ، وقال
: وربما رأيته يؤخر السعي إلى الليل» (4) فان المستفاد منه جواز التأخير إلى الابراد اختياراً أو إلى الليل
، ولا يختص الجواز بصورة شدة الحر والحرج ، فان شدة الحر مورد السؤال ومن دواعي التأخير ، إذ
الحاج لا داعي له للتأخير بحسب الطبع وإنما يؤخره لداع من الدواعي كشدة الحر ونحوها ، ولذا كان
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الشرائع 1 : 310 .
(2) الحدائق 16 : 295 .
(3) الوسائل 13 : 411 / أبواب الطّواف ب 60 ح 2 .
(4) الوسائل 13 : 410 / أبواب الطّواف ب 60 ح 1 .
ــ[139]ــ
الراوي شاكاً في الحكم بجواز التأخير اختياراً ولم يكن عالماً بالحكم فسأل ، ولم يكن يعتقد عدم الجواز
ولذلك سأل ، فالحكم بالجواز لا يقتصر بصورة الحرج بل يجوز التأخير إلى الليل اختياراً .
وممّا يؤكد ما ذكرنا ـ أي جواز الفصل إلى الليل مطلقاً وإن لم يكن حرج ـ أنه لو كان الحكم
مقتصراً على الحرج لكان على الإمام (عليه السلام) التقييد إلى أول زمان الابراد ولم يقيد بذلك ،
ومقتضى الاطلاق جواز التأخير إلى أول زمان الابراد وأوسطه وآخره . وبالجملة : المستفاد من
الصحيحة عدم لزوم التعجيل .
ومنها : صحيحة محمد بن مسلم ، قال : «سألت أحدهما (عليهما السلام) عن رجل طاف بالبيت
فأعيى أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة ؟ قال : نعم» (1) .
ومن عدم تعيينه زمان التأخير يستفاد جواز التأخير إلى أيّ وقت شاء ، والتعب من دواعي التأخير
فلم يكن الجواز مقيداً إلى زمان زوال التعب .
ويكفينا الأصل في عدم اعتبار اتصال السعي بالطواف .
وأمّا التأخير إلى الغد فقد ورد النهي عنه في صحيحة العلاء ، قال : «سألته عن رجل طاف بالبيت
فأعيى أيؤخر الطّواف بين الصفا والمروة إلى غد ؟ قال : لا» (2) والرواية صريحة في المنع عن التأخير
إلى الغد ، وعليه لم يعلم مستند المحقق في حكمه بالجواز إلى الغد .
ومن المحتمل أن الغاية في كلامه ـ أي الغد ـ خارجة عن المغيى لا داخلة فيه ، فيكون الغد مما ينتهي
إليه الحكم بالجواز، وهذا الاحتمال قريب وشائع في الاستعمالات أيضاً ، كقوله تعالى : (أتِمُّوا الصِّيامَ
إلَى اللَّيل) الآية(3) وقوله تعالى : (أقِم الصَّلاةَ لِدلوكِ الشَّمسِ إلى غَسَقِ اللَّيل) (4) فان الليل وكذا
غسق الليل غير داخل في المغيى قطعاً ، فاذن يرتفع الخلاف ولا يكون المحقق مخالفاً في المسألة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 411 / أبواب الطّواف ب 60 ح 2 .
(2) الوسائل 13 : 411 / أبواب الطواف ب 60 ح 3 .
(3) البقرة 2 : 187 .
(4) الإسراء 17 : 78 .
|