مسألة 46 : إذا اُعطي مالاً هبة على أن يحجّ وجب عليه القبول (3) . وأمّا لو خيّره الواهب بين
الحجّ وعدمه ، أو أ نّه وهبه مالاً من دون ذكر الحجّ لا تعييناً ولا تخييراً لم يجب عليه القبول (4) .
مسألة 47 : لا يمنع الدّين من الاستطاعة البذليّة (5) نعم ، إذا كان الدّين حالاً وكان الدائن
مطالباً والمدين متمكِّناً من أدائه إن لم يحجّ لم يجب عليه الحجّ (6) .
ــــــــــــــــــــــــــ (3) لصدق عرض الحجّ على ذلك ، ولا يختص العرض بالإباحة والبذل .
(4) أمّا في الهبة المطلقة فالأمر واضح لأنّ القبول من تحصيل الاستطاعة وهو غير واجب ، وأمّا
القـبول في الهبة المخـيّرة بين الحجّ وغيره فربّما يقال بوجـوبه ، لصدق الاسـتطاعة وعرض الحجّ
بذلك ، لأنّ عرض شيء آخر منضمّاً إلى عرض الحجّ لا يضر بصدق عرض الحجّ .
وفيه : أنّ التخيير بين الحجّ وغيره يرجع إلى أن بذله مشروط بعدم صرف المال المبذول في أمر آخر
، أو مشروط بإبقاء المال عنده ، ولا يجب على المبذول له تحصيل الشرط .
(5) الدّين إنّما يمنع من الحجّ فيما إذا دار الأمر بين صرف المال في أداء الدّين أو في السفر إلى الحجّ
، وأمّا لو فرض أ نّه يسافر مجاناً ولم يصرف مالاً فلا مزاحمة في البين فيجب عليه الحجّ .
(6) وكذا لو كان الدّين مؤجّلاً ولكن يعلم المدين أ نّه لو حجّ لا يتمكّن من أداء
ــ[57]ــ
مسألة 48 : إذا بذل مال لجماعة ليحج أحدهم ، فإن سبق أحدهم بقبض المال المبذول سقط
التكليف عن الآخرين ، ولو ترك الجميع مع تمكّن كلّ واحد منهم من القبض استقرّ الحجّ على جميعهم
(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
دينه أصلاً ، ففي مثله يقدم أداء الدّين لأنّ العبرة بالمزاحمة وأداء الدّين أهم ، نعم لو علم بالتمكّن من
الأداء بعد الرّجوع فلا يكون الدّين مانعاً .
(1) ربما يناقش في الوجوب كما في المستمسك تبعاً لصاحب الجواهر (1) ، بأنّ الاستطاعة نوعان:
ملكية وبذلية ، وكلتاهما في المقام غير حاصلة ، لإنتفاء الملك على الفرض ، وأمّا البذليّة فلعدم شمول
نصوص البذل له، لأنّ البذل وعرض الحجّ إنّما يتحقق بالنسبة إلى الشخص الخاص وأمّا العرض
للجامع فلا معنى له فلا يشمله النصوص .
والجواب : أنّ البذل للجامع بما هو جامع وإن كان لا معنى له ، لعدم إمكان تصرّف الجامع في المال
، ولكن البذل في المقام في الحقيقة يرجع إلى البذل إلى كلّ شخص منهم ، غاية الأمر مشروطاً بعدم
أخذ الآخر ، فمعنى البذل إليهم تخييراً أن من أخذ المال منكم يجب عليه الحجّ ولا يجب على الآخر ،
وأمّا إذا لم يأخذه واحد منهم فالشرط حاصل في كلّ منهم فيستقر عليهم الحجّ ، نظير : ما إذا وجد
المتيممون ماءً يكفي لواحد منهم فإن تيمم الجميع يبطل .
نعم ، يفترق مسألة التيمم عن المقام في الجملة ، وهو أ نّه في باب التيمم يجب السبق إلى أخذ الماء
على من كان متمكناً من الغلبة ومنع الآخر ودفعه ، ولا يجب التسابق في المقام لأنّ المال بذل على نحو
الواجب المشروط ، وإيجاد الشرط غير واجب .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المستمسك 11 : 146 ، الجواهر 17 : 269 .
|