ــ[362]ــ
[ 2681 ] مسألة 24 : حكم النخيل والزروع في البلاد المتباعدة حكمها في البلد الواحد ، فيضمّ الثمار بعضها إلى بعض (1) وإن تفاوتت في الإدراك بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد وإن كان بينهما شهر أو شهران أو أكثر ، وعلى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعليه ، فالعشر من الغلّة لم يكن داخلاً في ملكه من الأوّل ليتكلّم في استثناء المؤن المصروفة في سبيلها وعدمه ، فهي خارجة عن موضوع الكلام ، فإنّ محلّ البحث المؤن التي يصرفها في نتاج مملوك له لا ما هو مملوك لغيره ، وأمّا التسعة أعشار فهي في حكم المزكّى أو ما لا زكاة فيه كما لا يخفى ، وقد تعرّض لهما في المتن .
وأمّا بناءً على المختار في كيفيّة التعلّق بالعين من أ نّها بنحو الشركة في الماليّة لا الكلّي في المعيّن فلا يستقيم ما اُفيد ، بل النتاج كلّه للزارع كنفس البذر ، فإنّ المملوك للفقير ماليّة العين لا نفسها وقد اتلف البذر بتمامه بالزرع ، وبذلك تنتقل حصّته من الماليّة إلى الذمّة ويكون تمام البذر للمالك . ومن البديهي أنّ النتاج نتاجٌ لنفس البذر لا لماليّته ، وقد عرفت أنّ كلّه للمالك بعد الإتلاف ، فلا جرم كانت الغلّة بتمامها له ، فعلى القول باستثناء المؤن ينبغي استثناء البذر أيضاً بكامله حسبما عرفت .
ثمّ إنّ الماتن ذكر في المقام وكذا في ذيل المسألة السابقة فروعاً مترتّبة على الاستثناء لا يهمّنا التعرّض إليها بعد إنكار المبنى فالإعراض عنها أحرى .
(1) لا إشكال كما لا خلاف في عدم اعتبار الاتّحاد فيما يتعلّق به الزكاة من الزروع والنخيل ونحوهما من حيث المكان، ولا الزمان والإدراك، فيلاحظ بلوغ المجموع حدّ النصاب ولو كانت في مزارع أو بساتين متعدّدة بل بلدان متباعدة، أو كانت في أزمنة مختلفة فتفاوتت من حيث الإدراك بفاصل شهر أو شهرين
ــ[363]ــ
هذا فإذا بلغ ما أدرك منها نصاباً اُخذ منه ثمّ يؤخذ من الباقي قلّ أو كثر، وإن كان الذي أدرك أوّلاً أقلّ من النصاب ينتظر به حتّى يدرك الآخر ويتعلّق به الوجوب فيكمل منه النصاب ويؤخذ من المجموع ، وكذا إذا كان نخل يطلع في عام مرّتين يضمّ الثاني إلى الأوّل ، لأ نّهما ثمرة سنة واحدة ، لكن لا يخلو عن إشكال ، لاحتمال كونهما في حكم ثمرة عامين كما قيل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد أن كان المجموع ثمراً لعام واحد . فالاعتبار في بلوغ النصاب بمراعاة الكلّ واجتماعها في ملك واحد وإن كانت متفرّقة زماناً أو مكاناً بمقتضى إطلاق الأدلّة .
ونتيجة ذلك : لزوم ضمّ الثمار بعضها إلى بعض ، فمتى بلغ المجموع حدّ النصاب وجبت الزكاة وإن كان كلّ منها لولا الضمّ دون الحدّ وناقصاً عنه .
وهذا في الجملة ممّا لا ارتياب فيه ولا غبار عليه ، والعمدة إطلاق الأدلّة كما عرفت بعد عدم نهوض دليل على اعتبار الاتّحاد في شيء من تلك الجهات .
وإنّما الكلام في موضعين :
أحدهما : لو أثمر النخل في عام واحد مرّتين بفاصل ستّة أشهر ـ مثلاً ـ فهل ينضمّ أحدهما بالآخر ويلاحظ النصاب في المجموع ، أم أ نّهما في حكم ثمرة عامين ويعتبر النصاب في كلّ منهما بحياله ولا يكمل نقص أحدهما بالانضمام إلى الآخر ؟
ثانيهما : هل يعتبر في الانضمام اجتماع النصاب في الملك في زمان واحد ، أم يكفي ولو خرج السـابق عن ملكه بتلف أو إتلاف قبل بلوغ اللاحق ، فلو تفاوتت في الإدراك بفاصل شهر ـ مثلاً ـ وكان الذي أدرك أوّلاً دون النصاب فأخرجه عن ملكه ببيع أو إتلاف ونحو ذلك ، فهل ينضمّ ذلك بالنتاج الوارد متأخّراً ويتشكّل منهما النصاب أم لا ؟
ــ[364]ــ
وقد ناقش صاحب الجواهر (قدس سره) في كلّ من الموضعين :
أمّا في الموضع الأوّل : فقد استشكل (قدس سره) في الانضمام ، معلّلاً ذلك بما لفظه : إنّ أهل العرف لا يشكّون في صدق التعدّد عليهما خصوصاً إذا فصل بين الثمرتين زمان معتدّ به (1) .
أقول : لا ريب في صدق التعدّد في نظر العرف ، بل هو من الواضحات ، إلاّ أنّ الكلام في منع ذلك عن الانضمام ، فإنّه أوّل الكلام ، بل ممنوع ، لعدم الدليل على اعتبار الوحدة المكانيّة ولا الزمانيّة في ملاحظة النصاب كما عرفت .
فإنّ من كانت له مزرعتان إحداهما في شرق البلد والاُخرى في غربه فضلاً عمّا إذا كانتا في بلدين متباعدين ، لايشكّ العرف في أنّ الغلّة من إحداهما تغاير الاُخرى وأ نّهما متعدّدان ، كما لا يشكّ في ذلك فيما لو اختلفا من حيث الجودة والرداءة، ولاسيّما إذا كانت إحداهما في منتهى الجودة والاُخرى في منتهى الرداءة، ومع ذلك لا يتأمّل فقيه في انضمامهما لدى ملاحظة النصاب .
بل لولا الارتكاز والفهم العرفي والتسالم الخارجي من جميع المسلمين لحكمنا بالانضمام حتّى ولو كانت الثمرتان من عامين أو أكثر ، عملاً بإطلاقات نصوص النصاب ، غير أنّ المنسبق منها إلى الأذهان بحسب الفهم العرفي إرادة الوارد من عام واحد ، مضافاً إلى التسالم من عامّة المسلمين كما عرفت .
وعلى الجملة : لا قصور في إطلاقات النصاب عن الشمول للمقام كغيره من سائر موارد الانضمام ، ولا ينبغي التشكيك فيه بوجه .
وأمّا في الموضع الثاني : فقد ناقش أيضاً في الانضمام بدعوى أنّ المنسبق من أدلّة النصاب مملوكيّته بتمامه في زمان واحد ، فلو خرج البعض عن الملك قبل استكمال الباقي واستنتاجه بتلف أو إتلاف سقط عن صلاحيّة الانضمام ليتشكّل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 15 : 244 .
ــ[365]ــ
منه النصاب (1) .
وهذه الدعوى ـ كما ترى ـ عهدتها على مدّعيها ، فإنّا لم نجد في تلك الأدلّة ما يستشعر منه الاجتماع في الملك في آن واحد فضلاً عن الدلالة ، بل مقتضى إطلاقها أ نّه متى بلغ النتاج حدّ النصاب وجبت الزكاة ، سواء بقيت على الملك أم لا ، بل لعل الغالب في مثل الثمار عدم البقاء ، فإنّ الغلاّت وإن كان إدراكها دفعيّاً غالباً ولكن الثمار من العنب والرطب حتّى من بستان واحد تدريجي الحصول ولو لأجل الاختلاف في النوع أو في الجودة والرداءة ، ولا يكون إدراكها في زمان واحد إلاّ شاذّاً ، بل يستمرّ النتاج الوارد من البستان بمقدار شهر أو شهرين ، والعادة جارية على صرف ما يستورده تدريجاً بأكل أو بيع أو هبة ونحو ذلك ولا ينتظر في الصرف إدراك الكلّ .
فلو فرضنا أنّ ما يتحصّل لديه في كلّ وجبة كان دون النصاب ، والمفروض صرفه قبل استنتاج الوجبة اللاحقة ، فاللازم من عدم الانضمام عدم وجوب الزكاة في كثير من الموارد . وهو كما ترى ، لا يظنّ أن يلتزم به الفقيه .
وعلى الجملة : مقتضى الإطلاقات الأوّلية وجوب الزكاة في كلّ ما أنبتته الأرض ، خرجنا عن ذلك بمقتضى أدلّة اعتبار النصاب فيما إذا كان الثابت دونه فلا زكاة فيه ، والمتيقّن من التقييد اعتبار النصاب فقط ، وأمّا الزائد عليه بأن يكون باقياً في الملك أيضاً فلا دليل عليه ، فيقتصر على المقدار المتيقّن من التقييد ويرجع فيما عداه إلى تلك المطلقات التي مفادها وجوب الزكاة ، سواء بقي النصاب على الملك أم لا .
ثمّ إنّ المحقّق الهمداني (قدس سره) وافق صاحب الجواهر في اعتبار بقاء الملك ، فلا ينضمّ اللاحق المتجدّد بعد زوال الحاصل السابق ، لكن في خصوص
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 15 : 243 .
ــ[366]ــ
ما لو كان زواله مستنداً إلى سبب غير اختياري من سرقة أو غصب أو آفة سماويّة ونحو ذلك من مناشئ التلف ، دون الإتلاف المستند إلى الاختيار من أكل أو بيع ونحوهما ، لنقصان الملكيّة حال تعلّق الوجوب في الأوّل ، وأمّا في الثاني فحيث كان خروجه بالاختيار فهو بحكم الباقي عنده في كونه مشمولاً لعمومات أدلّة الزكاة .
ولكنّه أيضاً ـ كما ترى ـ مخالف لإطلاقات الأدلّة ، حيث إنّ مفادها ثبوت الحكم الوضعي وهي الشركة مع الفقير ـ ويتبعه الحكم التكليفي ـ بمجرّد بلوغ النابت من الأرض حدّ النصاب ، أي تحدث في ملكه هذه الكمّيّة من حاصل الزرع أو الثمر ، وأمّا اعتبار أن يكون هذا الحادث باقياً فلا دليل عليه .
وبعبارة اُخرى : لا دليل إلاّ على اعتبار ملكيّة النصاب حدوثاً لا حتّى بقاءً، فإنّه مخالف للإطلاق كما عرفت ، ولم يقم عليه دليل بالخصوص ، فزوال الحاصل السابق وخروجه عن الملك لا يمنع عن الانضمام باللاحق ، وكونه بسبب قهري أو اختياري لا يستوجب فرقاً من هذه الجهة أبداً ، إذ كلاهما مشمول للإطلاق المزبور .
نعم ، بينهما فرق من ناحية اُخرى، وهي أنّ التالف في السبب القهري محسوب على المالك والفقير، إذ لا وجه لتحميل الضرر على المالك فقط، بل يقسّط عليهما بالنسبة كما هو مقتضى الشركة ، مضافاً إلى النصّ الخاصّ الوارد في باب المقاسمة .
ونتيجة ذلك : أداء زكاة الباقي فقط دون التالف . وأمّا في الاتلاف فبما أ نّه بالاختيار فاللازم إخراج الزكاة من المجموع ، وأين هذا من عدم الانضمام الذي هو محلّ الكلام ؟!
وبالجملة : انضمام اللاحق المتجدّد بعد زوال الحاصل السابق بسبب قهري
|