رابعاً : أن يكون مالكاً 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 13:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5888


ــ[29]ــ

   الرابع : أن يكون مالكاً (1) ، فلا تجب قبل تحقّق الملكيّة ، كالموهوب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يظهر منها المفروغيّة عن التوزيع ، الذي هو الصحيح الموافق للمتفاهم العرفي بمقتضى مناسبة الحكم والموضوع حسبما عرفت .

   (1) ذكر (قدس سره) أنّ من جملة الشرائط : الملكيّة ، فلا زكاة على غير المالك ، ورتّب عليه أنّ القبض لو كان دخيلاً في الملكيّة ـ كما في الهبة ـ فما لم يقبض لا زكاة عليه ، لعدم تحقّق الملك ، ولذا لو مات الواهب قبل القبض انتقل إلى وارثه دون الموهوب له ، فلا تجب الزكاة عليه ، بل تجب على الواهب إن كان واجداً للشرائط ، وإلاّ فلا تجب عليهما ، كما لو فرضنا أنّ شخصين ملك كلٌّ منهما كمّيّة من الدينار غير بالغة حدّ النصاب ، فوهباه من زيد ، ولم يقبض ، فإنّه لا تجب الزكاة على الموهوب له ، لعدم القبض ، ولا على الواهبين ، لعدم بلوغ حصّة كلّ منهما النصاب على الفرض ، وستعرف أنّ النصاب يعتبر أن يكون في ملك مالك واحد (1) .

   وهذا الذي ذكره (قدس سره) ممّا لا ينبغي الشكّ فيه ، بل لا إشكال فيه ولا خلاف ، كما عن غير واحد .

   وتدلّ عليه ـ قبل التسالم والنصوص المتظافرة ـ ظاهر الآية المباركة ، قال تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ) (2) دلّت على أنّ موضوع الزكاة إنّما هو أموال الناس ، فمن كان ذا مال تتعلّق به الزكاة ، وغير المالك غير مأمور بشيء ، فالأمر مشروطٌ بالملكيّة ، ولا زكاة في غير المملوك . وهذا يُتصوّر على أقسام :

   إذ تارةً : لا يكون الشيء ملكاً لأحد ، كما في المباحات الأصليّة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 175 ـ 177 .

(2) التوبة 9 : 103 .

ــ[30]ــ

   واُخرى : مملوك لكن لا لشخص خاصّ ، وإنّما هو ملك للجهة ، كما في نماء الوقف ، كالبستان الموقوف للمسجد أو لتعزية الحسين (عليه السلام)، أو للعنوان والجهات العامّة ، كالفقراء والعلماء ، ونحو ذلك من المصارف المشروعة . فلو بلغ حاصلها حدّ النصاب لا تجب الزكاة فيه ، فإنّ الوقف وإن كان تمليكاً على ما هو المعروف ولكنّه مملوك للجهة أو للعنوان لا لشخص معيّن ليؤمر بالزكاة على ما تقتضـيه الآية : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً) ، الظاهرة في كون الشيء ملكاً لمالك مشخّص معيّن ، بمقتضى مقابلة الجمع بالجمع كما لا يخفى .

   وعلى الجملة : فمثل هذه الأوقاف ـ التي هي وقف على الجهات العامّة بنحو الصرف أو ملكيّة العنوان ـ لا زكاة فيها إذا لم يقبضها شخصٌ معيّن .

   نعم ، بعد القبض وحصول الملكيّة للشخص ـ على القول بأنّ الوقف تمليك ـ وجبت الزكاة حينئذ .

   وتؤكّد الآية عدّة من الأخبار المتضمّنة أ نّه : لا زكاة إلاّ على صاحب المال(1) ، الظاهر في الصاحب المعيّن المتشخّص خارجاً .

   ومن هذا القبيل : باب الوصيّة فيما إذا أوصى أن يُصرَف نماء هذه النخيل ـ  مثلاً  ـ في جهة خاصّة ، فإنّ الصحيح في باب الوصيّة أنّ المال الموصى به قبل أن يُصرَف في مصرفه باق على ملك الميّت ، وأ نّه مالكٌ لثلث ماله والباقي للوارث ، ولا مانع من اعتبار الملكيّة حال الممات كالحياة .. كما لا يخفى ، ولكن بما أنّ الميّت لا يخاطَب ولا يكلّف بشيء فلأجله لا تتعلّق به الزكاة ، ضرورة أنّ الحياة من الشرائط العامّة كالبلوغ والعقل .

   فتحصّل :  أ نّه يُعتبَر في الزكاة أن يكون مملوكاً ، فلا زكاة على المباحات . وأن يكون مملوكاً لشخص ، فلا زكاة على ما هو مملوك للعنوان ، كالأوقاف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 103 /  أبواب من تجب عليه الزكاة ب 9 .

ــ[31]ــ

قبل القبض ، والموصى به قبل القبول ((1)) (1) أو قبل القبض . وكذا في القرض لا تجب إلاّ بعد القبض .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأن يكون الشخص حيّاً ، فلا زكاة على الميّت كما في الوصيّة ، لا لعدم الملكيّة ، بل لعدم قابليّة المالك لتعلّق الأمر به حسبما عرفت .

   (1) وممّا فرّع (قدس سره) على اعتبار الملكيّة : عدم تعلّق الزكاة بالموصى به قبل قبول الوصي ، فلو أوصى أن يكون نماء البستان لزيد ، فمات ، وبعده خرج النماء ولم يقبل زيد ، لا زكاة عليه ، لعدم دخوله في ملكه قبل قبوله ، وقد عرفت عدم وجوب الزكاة على الميّت ، فهذا المال ممّا لم تتعلّق به الزكاة أصلاً .

   وما ذكره (قدس سره) وجيه ، بناءً على اعتبار القبول في الوصيّة ، ولم ترد فيه أيّة رواية ولو ضعيفة ، وإنّما ادُّعي عليه الإجماع وبعض الوجوه الاعتباريّة غير القابلة للاعتماد ، مثل : أ نّه كيف يملك من غير رضاه مع أنّ الناس مسلّطون على أموالهم وأنفسهم ، والتملّك من غير القبول مناف للسلطنة على النفس ، وهو كما ترى ، لوضوح عدم التنافي بين السلطنة والملكيّة غير الاختياريّة كما في الإرث ونحوه .

   والحاصل :  أ نّه لا دليل على اعتبار القبول في نفوذ الوصيّة بوجه ، غايته أنّ الموصَى له له حقّ الردّ ، كي لا ينافي السلطنة ، وهذا أمر آخر لا نضايق عن الالتزام به ، فالاشتراط بعدم الردّ شيء ، والاشتراط بالقبول شيء آخر ، والذي ثبت إنّما هو الأوّل دون الثاني ، فهو مالك ما لم يردّ ، ومعه ينكشف عدم الملكيّة من الأوّل كما لا يخفى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يبعد عدم توقّف حصول الملكيّة في الوصيّة على القبول ، وأمّا توقّفه على القبض فمقطوع العدم ، ولعلّ ذكره من سهو القلم .

ــ[32]ــ

   وعليه ، فلا يترتّب ما ذكره (قدس سره) على هذا الاشتراط ، بل تجب الزكاة قبل القبول ، لحصول الملك .

   وممّا يؤكّد عدم احتـياج الوصيّة إلى القبول ما دلّ من الروايات على أنّ الموصى له إذا مات قبل القبول أو قبل أن يعلم يُعطَى لورثته(1) ، فإنّ هذا لو كان حكماً تعبّديّاً في مورده لم يكن به بأس ، ولكن بناءً على عدم اشتراط القبول فهو حكمٌ على القاعدة ، لأ نّه ملكٌ للموصى له فينتقل إلى وارثه .

   وكيفما كان ، فما ذكره (قدس سره) مبنيٌّ على اعتبار القبول ، وهو غير تامّ (2) ، وتمام الكلام في محلّه .

   وأمّا ما ذكره (قدس سره) من اعتبار القبض في الملكيّة في باب الوصيّة ـ  ولأجله حكم (قدس سره) بعدم الزكاة قبل القبض  ـ فهو باطل ، بل وغير محتمل قطعاً ، لعدم اعتبار القبض في هذا الباب بلا شبهة ولا إشكال ، ولا قائل به معروف ، بل ولا غير معروف .

   نعم ، نسب ذلك إلى بعض كلمات الشيخ ، ولم تثبت النسبة ، ولا دليل عليه بوجه ، فلو قلنا باعتبار القبول لا نقول باعتبار القبض بتاتاً .

   والظاهر أ نّه لا ينبغي الشكّ في أنّ هذه الجملة ـ أعني قوله : أو قبل القبض ـ سهوٌ من قلمه الشريف أو من النسّاخ .

   نعم ، هو معتبر في القرض كما ذكره (قدس سره) بعد ذلك، فلا يملك المقترض ما لم يقبض ، ولا زكاة عليه وإن بقي سنة ، لعدم حصول الملك ، وتفصيل الكلام موكولٌ إلى محلّه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لاحظ الوسائل 19 : 333  /  كتاب الوصايا ب 30 .

(2) بل ومناف لما بنى (قدس سره) عليه في كتاب الوصيّة ، من عدم اعتبار القبول في الوصيّة التمليكيّة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net