ــ[267]ــ
[ 2182 ] المسألة التاسعة والأربعون : لو اعتقد أ نّه قرأ السورة مثلاً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالعلم الإجمالي فالغاؤه بالنسبة إلى كلّ منهما مستلزم لإلغاء المعلوم بالإجمال الثابت في البين . وقد عرفت عدم تكفّل الدليل لإلغائه ، ولزوم العمل به بحكومة العقل .
وعلى الجملة : ليس العمل في موارد العلم الإجمالي بالشك ليكون منفياً عن كثير الشك ، بل هو عمل بالعلم الّذي هو منجّز عقلاً كالتفصيلي ، من غير فرق بين كثير الشك وغيره .
وعليه فلو علم إجمالاً بترك أحد الشيئين وجب عليه مراعاته كغيره وإن كان شاكّاً بالنسبة إلى كلّ منهما ، كما لو علم حال القيام أ نّه إمّا ترك الركوع أو القراءة ، أو أ نّه إمّا ترك التشهّد أو السجدة ، أو علم بعد الدخول في الركوع أ نّه إمّا ترك سجدة واحدة أو تشهّداً وهكذا ، فانّه يجب عليه في هذه الفروض العمل بحكم العلم الإجمالي المتعلِّق بها كما في غير كثير الشك من تدارك المشكوك فيه أو القضاء أو سجود السهو ونحو ذلك .
نعم ، لا أثر للعلم الإجمالي في الفرض الأوّل ، إذ لا أثر لترك القراءة إلاّ على القول بوجوب سجود السهو لكلّ زيادة ونقيصة الّذي هو خلاف التحـقيق وعليه فشكّه في الركوع ملحق بالشك البدوي فيجري عليه حكم كثير الشك .
بل لا أثر للعلم حتّى على القول المزبور ، لأنّ مقتضى ما مرّ غير مرّة من تقديم الأصل المصحّح على الأصل المتمِّم اختصاص جريان قاعدة الإلغاء ـ أي إلغاء حكم الشك عن كثير الشك ـ بالشك في الركوع ، ضرورة عدم جريانها في القراءة ما لم تحرز الصحّة من غير هذه الجهة ، فيرجع في الشك فيها إلى أصالة عدم الإتيان بها من غير معارض .
ــ[268]ــ
وشكّ في قراءة الحمد فبنى على أ نّه قرأها لتجاوز محلّه ، ثمّ بعد الدخول في القنوت تذكّر أ نّه لم يقرأ السورة(1) فالظاهر وجوب قراءة الحمد أيضاً، لأنّ شكّه الفعلي وإن كان بعد تجاوز المحل ((1)) بالنسبة إلى الحمد إلاّ أ نّه هو الشك الأوّل الّذي كان في الواقع قبل تجاوز المحل ، وحكمه الاعتناء به والعود إلى الإتيان بما شكّ فيه . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فهل يجب تدارك الحمد أيضاً أم يكتفي بتدارك السورة المعلوم تركها نظراً إلى أنّ شكّه الفعلي في الحمد شكّ بعد تجاوز المحل باعتبار الدخول في القنوت ؟ اختار (قدس سره) الأوّل ، وهو الصحيح .
لأنّ شكّه الفعلي هو الشك السابق بعينه الّذي كان بحسب الواقع شكّاً قبل تجاوز المحل ، لعدم كونه آتياً بالسورة ، وإن كان معتقداً أ نّه بعد التجاوز ، فانّه خيال محض . والمدار على واقع التجاوز لا على تخيّله . فبما أنّ شكّه حينما حدث كان في المحل وجب الاعتناء به ، ومعه لا أثر للدخول في القنوت .
على أنّ هذا القنوت غير مأمور به جزماً ، لوقوعه قبل السورة ، فليس هو من الغير المترتِّب على المشـكوك فيه ليكون الدخـول فيه مصـحّحاً لجريان قاعدة التجاوز .
فلو سـلّمنا أنّ في أمثال هذه الموارد يكفي الدخول في الغير ولو بقاءً لا نسلِّمه في خصوص المقام، للقطع بزيادة القنوت ووقوعه في غير محلّه كما عرفت . فالمتعيّن العود لتدارك الحمد والسورة معاً ، وهذا واضح .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل لأ نّه شكّ في المحل ، حيث إنّه لا يكفي الدخول في مطلق الغير في جريان القاعدة .
|