[1777] مسألة 1: إذا بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو المغمى عليه قبل خروج الوقت وجب عليهم الأداء (2) وإن لم يدركوا إلاّ مقدار ركعة من الوقت، ومع الترك يجب عليهم القضاء، وكذا الحائض والنفساء((1)) إذا زال عذرهما قبل خروج الوقت ولو بمقدار ركعة. كما أنّه إذا طرأ الجنون أو الإغماء أو الحيض أو النفاس بعد مضي مقدار صلاة المختار بحسب حالهم من السفر والحضر والوضوء والتيمم ولم يأتوا بالصلاة وجب عليهم القضاء كما تقدّم في المواقيت.
ــــــــــــــــــــ (2) بلا إشكال، لعموم دليل التكليف بالصلاة، فانّ الخارج عنه خصوص
ــ[103]ــ
صورة استيعاب الأعذار المذكورة الوقت بتمامه، بحيث يكون الترك مستنداً إلى العذر، فاذا لم يستند إليه لفرض عدم الاستيعاب لزمه الأداء، ومع تركه وجب القضاء بطبيعة الحال.
هذا فيما إذا ارتفع العذر وقد بقي من الوقت مقدار يسع الفريضة بتمامها، وأمّا إذا لم يبق منه ما يسعها فيشكل ثبوت الأداء فضلا عن القضاء، لامتناع تعلّق التكليف بعمل في وقت لا يسعه.
لكنّ الإشكال يختصّ بما إذا لم يبق من الوقت حتّى بمقدار ركعة، وأمّا إذا بقي منه بالمقدار المذكور فقد حكم جماعة منهم المصنّف (قدس سره) بثبوت القضاء حينئذ، فضلا عن الأداء، تمسكاً بحديث «من أدرك ...»(1).
وقد ذكرنا في بحث المواقيت أنّ الحديث المزبور ورد بعدّة طرق كلّها ضعيفة السند ما عدا رواية واحدة وردت في صلاة الغداة(2) ، وبضميمة القطع بعدم الفرق بينها وبين بقية الصلوات يثبت الحكم في جميع الفرائض اليومية(3). وعليه فلا مجال للإشكال في تمامية القاعدة ولا في انطباقها على المقام، فاذا حصل البلوغ أو الإفاقة من الجنون، أو ارتفع الإغماء، أو انقطع الدم، أو أسلم الكافر وقد بقي من الوقت بمقدار ركعة توجّه التكليف بالأداء ببركة الحديث المذكور، ومع الفوت وجب القضاء عملا باطلاق دليله.
نعم، ربما يشكل الأمر في تطبيقها على المقام، بدعوى اختصاص الحديث بما إذا كان الوقت في حدّ ذاته واسعاً وصالحاً لتوجّه التكليف فيه سوى أنّ المكلف لم يدرك منه إلاّ بمقدار ركعة لمسامحته في الامتثال أو لغير ذلك.
وأمّا إذا كان الوقت في حدّ ذاته ضيّقاً لا يسع الفعل كما في المقام - فانّه قبل ارتفاع العذر لا تكليف على الفرض فلا عبرة بالسعة في ذلك، وبعد ارتفاعه لا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4: 217/ أبواب المواقيت ب 30.
(2) الوسائل 4: 217/ أبواب المواقيت ب 30 ح 1.
(3) شرح العروة 11: 232.
ــ[104]ــ
يسع الزمان لوقوع العمل لقصوره طبعاً، لا لأجل عدم إدراك المكلّف منه إلاّ ذلك المقدار - فلا مجال للاستناد إلى الحديث فيه.
وحينئذ فيشكل الأمر في الأداء فضلا عن القضاء، لامتناع تعلّق التكليف بعمل في زمان أقصر منه وأقل، فانّه من التكليف بما لا يطاق.
وفيه أوّلا: أنّ الإشكال لو تمّ فانّما يتمّ في مثل الصبيّ ونحوه، دون الكافر بناءً على المشهور من تكليفه بالفروع كالاُصول، فانّه على هذا كان مكلّفاً بالصلاة من أوّل الزوال، وكان متمكّناً من امتثاله بالإسلام.
ومعلوم أنّ المقدور بالواسطة مقدور، فالوقت بالإضافة إليه يكون واسعاً في حدّ ذاته غير أنّه بسوء اختياره فوّت التكليف على نفسه حيث أسلم في آخر الوقت، فيصدق في حقّه أنّه لم يدرك من الوقت إلاّ ركعة، فليس التكليف بالإضافة إليه ممّا لا يطاق.
وثانياً: أنّه لا يتمّ مطلقاً حتّى في مثل الصبيّ ونحوه، وذلك لأنّا تارة نفرض القصور الذاتي في طبيعة الوقت كما لو فرضنا أنّ بعض نقاط الأرض يقصر فيه الزمان الفاصل بين زوال الشمس وغروبها بحيث لا يسع الإتيان بأربع ركعات أو أنّ ما بين الطلوعين فيه لا يسع الإتيان بركعتين، ففي مثله يتّجه الإشكال فيقال بامتناع تعلّق التكليف بالعمل في زمان لا يسعه، فلا يصدق في حقّه حينئذ أنّ المكلّف لم يدرك من الوقت إلاّ ركعة، فانّه في حدّ ذاته ليس أكثر من هذا المقدار.
واُخرى نفرض أنّه لا قصور في الوقت بحسب الذات لامتداده بحسب طبعه، غير أنّ المكلّف لأجل بعض العوارض والملابسات كالصغر والجنون والإغماء والحيض والكفر - بناءً على عدم تكليف الكافر بالفروع - حرم من إدراك الوقت المذكور إلاّ بمقدار لا يسع تمام العمل، ففي أمثال هذه الموارد إذا ارتفع العذر في وقت لم يسع إلاّ مقدار ركعة يصدق عليه حينئذ أنّه لم يدرك الوقت كلّه وإنّما أدرك بعضه، لأنّ المانع إنّما تحقّق من ناحية العبد لا من ناحية الوقت.
|