ــ[370]ــ
[ 1512 ] مسألة 20 : يجب على الرجـال الجهر بالقـراءة في الصبح والركعتين الأولتين من المغرب والعشاء ، ويجب الاخفات في الظهر والعصر في غير يوم الجمعة ، وأما فيه فيستحب الجهر في صلاة الجمعة ، بل في الظهر أيضاً على الأقوى (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المتن ، فيتم صلاته بعد العدول ثم يعيدها مع السورة المنذورة .
ومن جميع ما ذكرناه يظهر : فساد الاحتمال الثالث الذي ذكر في المقام ، من رفع اليد عن كل من دليلي وجوب الوفاء بالنذر وحرمة العدول ، لتساقط الدليلين المتزاحمين بعد عدم ترجيح في البين ، ونتيجة ذلك هو التخيير بين العدول وعدمه .
إذ فيه : أنّ النذر لو كان متعلقاً بالشخص فهو في نفسه منحل ، لقصور دليله عن الشمول للمقام كما عرفت ، فالمتعيّن العمل باطلاق الدليل الآخر وإن كان متعلقاً بالطبيعي كما ذكرنا أنه الغالب ، فالمتعيّن الأخذ باطلاق كلا الدليلين لعدم تزاحم في البـين ، فلا يعدل ، بل يقطع ويعيدها بتلك السورة ، فاحتمال التخـيير ساقط على التقديرين .
(1) المشهور بين الأصحاب وجوب الجهر على الرجال في صلاة الغداة ، وفي الركعتين الأولتين من صلاة المغرب والعشاء، ووجوب الاخفات في ثالثة المغرب وفي الركعتين الأخيرتين من كل رباعية . بل عن الخلاف الاجماع عليه (1) ، ولم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الخلاف 1 : 332 ، 372 .
ــ[371]ــ
ينسب الخلاف إلاّ إلى السيد المرتضى(1) وابن الجنيد (قدس سرهما)(2) فذهبا إلى استحباب الجهر وعدم وجوبه ، بل صرّح السيد المرتضى بتأكد الاستحباب للأمر بالاعادة لو أخل به في بعض الأخبار ، واختاره من المتأخرين صاحب المدارك(3) وتبعه السبزواري(4) ، ومال إليه بعض آخر . ومحل الكلام هو الرجال وأمّا النساء فسيأتي حكمها .
واستدل للمشهور بوجوه كلها ضعيفة ما عدا صحيحتين لزرارة سنذكرهما .
فمنها : السيرة الجارية على مراعاة الجهر في الموارد المذكورة المتصلة بزمان المعصومين (عليهم السلام) ولا بدّ من التأسي بهم .
وفيه : أنّ السيرة كفعل المعصومين (عليهم السلام) لا يدل على الوجـوب بل غايته الرجحان . وأمّا دليل التأسي من قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «صلّوا كما رأيتموني اُصلِّي»(5) فلم يثبت من طرقنا ، مضافاً إلى النقاش في الدلالة كما مرّ مراراً .
ومنها : رواية الفضل بن شاذان الواردة في علة الجهر في بعض الصلوات من أ نّها في أوقات مظلمة فيجهر ليعلم المارّ أنّ هناك جماعة (6) .
وفيه: أ نّها واردة في مقام حكم آخر، فلا تدل على وجوب الجهر أو استحبابه بالمعنى الاصطلاحي المبحوث عنه في المقام كما لا يخفى .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حكاه عنه في المعتبر 2 : 176 .
(2) حكاه عنه في المختلف 2 : 170 .
(3) المدارك 3 : 358 .
(4) الذخيرة : 274 السطر 22 .
(5) صحيح البخاري 1 : 162 ، السنن الكبرى 3 : 120 .
(6) الوسائل 6 : 82 / أبواب القراءة في الصلاة ب 25 ح 1 .
ــ[372]ــ
ومنها : رواية يحيى بن أكثم القاضي «أ نّه سأل أبا الحسن الأوّل (عليه السلام) عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلوات النهار ، وإنما يجهر في صلاة الليل ، فقال : لأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يغلس بها فقرّبها من الليل» (1) .
وفيه : أيضاً عدم الدلالة على الوجوب ، فانّ كونه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يغلس بها أعم من ذلك .
ومنها : غيرها من عدة روايات لا تخلو عن الخدش في السند أو الدلالة على سبيل منع الخلو .
والعمدة في المقام صحيحتان لزرارة : إحداهما : عن أبي جعفر (عليه السلام) «عن رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه ، وأخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه فقال : أيّ ذلك فعل متعمداً فقد نقض صلاته وعليه الاعادة ، فان فعل ذلك ناسياً أو ساهياً أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمت صلاته» (2) ، وقد رواها كل من الصدوق والشيخ بسند صحيح عن حريز عن زرارة (3) .
والاُخرى : ما رواه الشـيخ أيضاً بسـند صحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «قلت له رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي الجهر فيه ، أو أخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه ، وترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه ، أو قرأ فيما لا ينبغي القراءة فيه ، فقال : أيّ ذلك فعل ناسياً أو ساهياً فلا شيء عليه» (4) وقد دلّت الاُولى منطوقاً والثانية مفهوماً على وجوب الجهر والاخفات في الجملة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 84 / أبواب القراءة في الصلاة ب 25 ح 3 .
(2) الوسائل 6 : 86 / أبواب القراءة في الصلاة ب 26 ح 1 .
(3) الفقيه 1 : 227 / 1003 ، التهذيب 2 : 162 / 635 .
(4) الوسائل 6 : 86 / أبواب القراءة في الصلاة ب 26 ح 2 ، التهذيب 2 : 147 / 577 .
ــ[373]ــ
وهاتان هما العمدة في مدرك المشهور مؤيداً ببعض الأخبار ممّا تقدم وغيره .
وبازائهما صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى قال : «سألته عن الرجل يصلي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه أن لا يجهر ؟ قال : إن شاء جهر وإن شاء لم يفعل» (1) . ــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 85 / أبواب القراءة في الصلاة ب 25 ح 6 .
|