ــ[334]ــ
[ 1502 ] مسألة 10 : الأقوى جواز قراءة سورتين (1) أو أزيد في ركعة مع الكراهة في الفريضة ، والأحوط تركه ، وأما في النافلة فلا كراهة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفيه : أنّ الفقه الرضوي ليس بحجة ، وسقوطها عن مصحف اُبيّ لم يثبت . على أ نّه لو ثبت فهو اجتهاد منه باعتقاد أ نّهما سورة واحدة ، لا أ نّه رواية فلا حجية فيه .
وعلى الجملة : فلم يثبت لدينا شيء من القولين ، فتنتهي النوبة إلى الأصل العملي ، ومقتضاه الثبوت عملاً بقاعدة الاشتغال لكونه من الشك في المحصّل ، لا من باب الأقل والأكثر بعين التقريب الذي قدّمناه في الجهة السابقة حرفاً بحرف فلاحظ .
(1) كما هو المشهور بين المتأخرين من جواز القران على كراهة ، خلافاً لما هو المشهور بين القدماء من عدم الجواز، بل عن الصدوق أ نّه من دين الإمامية(1) وعن السيد أ نّه من متفرداتهم (2).
ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات ، فقد ورد النهي عن القران في غير واحد من النصوص ، جملة منها معتبرة وفيها غنى وكفاية .
منها : صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال : «سألته عن الرجل يقرأ السورتين في الركعة ، فقال : لا ، لكل سورة ركعة (3) .
وموثقة عبدالله بن أبي يعفور عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : لا بأس أن تجمع في النافلة من السور ما شئت» (4) فانّ نفي البأس عن النافلة يدل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أمالي الصدوق : 741 .
(2) الانتصار : 146 .
(3) الوسائل 6 : 50 / أبواب القراءة في الصلاة ب 8 ح 1 .
(4) الوسائل 6 : 51 / أبواب القراءة في الصلاة ب 8 ح 7 .
ــ[335]ــ
بمفهوم الوصف(1) بالمعنى الذي هو حجة عندنا على ثبوته في الفريضة التي هي محل الكلام ، حيث يظهر من التقييد أنّ طبيعي الصلاة ليس موضوعاً لجواز القران ، وإلاّ كان القيد لغواً ، فمن إثبات الجواز للنافلة يعلم عدمه في الفريضة .
ومنها : رواية منصور بن حازم قال: «قال أبو عبدالله (عليه السلام) : لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر» (2) وقد وصفها في الحدائق ومصباح الفقيه بالصحة(3) ، نعم حكى في الحدائق عن صاحب المدارك أنّ السند ضعيف(4) واستظهر أنّ نظره في الضعف إلى سيف بن عميرة حيث إنّه واقفي(5) وإن كان ثقة ، وصاحب المدارك يعتبر العدالة في الراوي ، ويمكن أن يكون نظره إلى أنّ أحمد بن إدريس لا يمكنه أن يروي عن أحمد بن محمد بن يحيى لاختلاف الطبقة فامّا أنّ الرواية مرسلة أو أنّ نسخة الوسائل مغلوطة .
والصحيح : عن محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى ، كما يؤيّده أ نّه الراوي غالباً عن محمد بن عبدالحميد ، ولكنه ظهر بعد المراجعة أنّ نسخة الكافي والوسائل والتهذيب كلها عن محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى فكلمة (محمد) ساقطة عن الوسائل الطبعة الجديدة ، وكذا طبع عين الدولة ، وكذا الاستبصار الطبعة الجديدة ، فالرواية صحيحة السند بلا إشكال(6) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقدم [ في ص 266 ] أنّ الوصف غير المعتمد على الموصوف لا مفهوم له .
(2) الوسائل 6 : 43 / أبواب القراءة في الصلاة ب 4 ح 2 .
(3) الحدائق 8 : 146 ، مصباح الفقيه (الصلاة) : 286 ، السطر 3 .
(4) الحدائق 8 : 146 ، المدارك 3 : 356 .
(5) كما عن معالم ابن شهرآشوب [ 56 / 377 ] ولكنه سهو من القلم كما أفاده (دام ظله) في المعجم 9 : 382 / 5668 .
(6) بل فيه إشـكال ، إذ في السـند (محمد بن عبدالحميد) وقد تقدم في أوائل الفصل ص 268 البحث حول وثاقته من أجل الترديد في رجوع توثيق النجاشي إلى الأب أو الابن ، وعدم كونه من مشايخ ابن قولويه بلا واسطة ، ولعل تضعيف صاحب المدارك ناظر إلى هذه الجهة .
ــ[336]ــ
وبازائها صحيحة علي بن يقطين قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن القران بين السورتين في المكتوبة والنافلة قال : لا بأس»(1) . ومقتضى الجمع العرفي بينها وبين الطائفة الاُولى هو حمل النهي فيها على الكراهة كما ربما يؤيده التعبير بـ «لايصلح» ، أو «يكره»، أو «أ نّه أفضل»، أو «لكل سورة حقاً فاعطها حقها» ونحو ذلك مما ورد في سائر الأخبار المشعرة بالكراهة (2) .
نعم ، ربما يناقش في ذلك من وجهين :
أحدهما : أنّ إعراض الأصحاب عن هذه الصحيحة يسقطها عن الحجية ، لما عرفت من أنّ المشهور بين القدماء هو الحرمة .
وفيه : مضافاً إلى منع الكبرى وعدم قادحية الاعراض ، أنّ الصغرى ممنوعة إذ لم يثبت إعراضهم وطرحهم للصحيحة ، بل من الجائز أ نّهم رجّحوا تلك الطائفة عليها في مقام علاج المعارضة بأشهريتها وأكثريتها ونحو ذلك من سائر المرجّحات .
ثانيهما : ما ذكره في الحدائق من حمل الصحيحة على التقية (3) .
وفيه : ما لايخفى، فانّ الحمل على التقية فرع استقرار المعارضة وعدم إمكان الجمع الدلالي والتوفيق العرفي ، وقد عرفت إمكانه بحمل النهي على الكراهة فالأقوى ما هو المشهور بين المتأخرين من الكراهة دون الحرمة ، هذا كله في الفريضة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 52 / أبواب القراءة في الصلاة ب 8 ح 9 .
(2) الوسائل 6 : 50 / أبواب القراءة في الصلاة ب 8 .
(3) الحدائق 8 : 148 .
|