كفاية زوال الوصف العارضي
(1) هذه المسألة تبتني على دعوى انصراف الأدلّة إلى صورة حدوث التغيّر في أوصاف الماء بما هو ماء ، وهذه الدعوى فاسدة لا يعتنى بها لمكان إطلاقات الأخبار حيث إنّها تقتضي نجاسة الماء المتغيّر في شيء من أوصافه الثلاثة بملاقاة النجس بلا فرق في ذلك بين كون الأوصاف المذكورة أصلية ، وكونها عرضية ، ففي صحيحة ابن بزيع : «ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلاّ أن يتغيّر ريحه أو طعمه ...» وهي تقتضي نجاسة البئر بتغيّر شيء من ريحه أو طعمه ، وإطلاقها يشمل جميع الآبار مع ما هي عليه من الاختلاف باختلاف الأماكن بالبداهة ، فربّ بئر يشرب من مائها وهو حلو صاف بل يتعيش به في بعض البلاد ، وبئر لا يستفاد من مائها في الشرب لأ نّه مالح أو أميل إلى المرارة ، لمروره على أرض مالحة أو ذات زاج وكبريت ، وماء بعضها مرّ كما في بعض البلاد ، ومن البيّن أن هذه الأوصاف خارجة عن ذات المياه وعارضة عليها باعتبار أراضي الآبار ، إلاّ أن مقتضى إطلاق الصحيحة أن تغيّر شيء من الأوصاف المذكورة يوجب انفعال البئر إذ يصدق أن يقال : إنّها بئر تغيّر ريحها أو طعمها فتنجس .
ثم لا يخفى أن هذه المسألة والمسألة المتقدمة غير مرتبطتين ولا تبتنيان على مبنى واحد كما عرفت ، وأن كلاً منهما تبتني على دعوى غير ما تبتني عليه الاُخرى كما أن
ــ[75]ــ
[ 85 ] مسألة 13 : لو تغيّر طرف من الحوض مثلاً تنجس ، فإن كان الباقي أقل من الكرّ تنجس الجميع ، وإن كان بقدر الكرّ بقي على الطهارة وإذا زال تغيّر ذلك البعض طهر الجميع ولو لم يحصل الامتزاج على الأقوى (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكلام في المسألة السابقة كان راجعاً إلى ما هو المنجس للماء ، وأ نّه هو الذي ينتشر في الماء أو أعم منه ومن المؤثر من غير انتشار ؟ والبحث في هذه المسألة بحث عن الماء وأ نّه إذا زال عنه وصفه العرضي هل يحكم عليه بالنجاسة كما هو الحال فيما إذا زال عنه وصفه الذاتي ؟ فالمسألتان من واديين فلا تغفل .
|