طهارة المائع المتنجِّس بالتصعيد
(1) قد عرفت أن هذا هو الحق الصراح الذي يدعمه البرهان ، فإن الحاصل بالتصعيد موجود مغاير للموجود السابق وهو ماء مطلق ، فلا وجه للتوقف في الحكم بطهوريته ، إذ لا تختص ذلك بالماء النازل من السماء كما مرّ إلاّ أن له لازماً لا ندري أن السيد (قدس سره) هل يلتزم به أو لا ، وهو الحكم بطهارة الماء المصعّد من الأعيان النجسة ، كالمصعد من الخمر والبول والميتة النجسة كالكلب ، وإن كان مقتضى ما ذكره (قدس سره) في الكلام على الاستحالة من طهارة بخار البول هو الالتزام بذلك مطلقاً .
والحق أ نّه لا مانع من الحكم بطهارته في جميع الموارد ، اللّهم إلاّ أن ينطبق على المصعّد عنوان آخر نجس ، وهذا كما في المصعّد من الخمر المعبّر عنه عندهم بالعَرَق فإنّه كأصله مسكر محكوم بالنجاسة شرعاً (1).
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وهذا لا ينافي ما ذكرناه في الجزء الثاني من كتاب الطّهارة ذيل مسألة 201 من أنّ مقتضى القاعدة طهارة المادّة المتّخذة من الخمر المعبّر عنها بجـوهر الخمر (اسپرتو) التي تتحصّل بتبخيرها ، وذلك لأنّ العَرَق الذي حكمنا بنجاسته هو الذي يُعدّ من جملة الخمور وشربه أمر متعارف عند أهله ، ولا فرق بينه وبين غيره من الخمور إلاّ في أ نّه يشتمل على المادة الألكليّة بنسبة الأربعـين في المائة ـ في العَرَق العـراقي ـ فما زاد ، وأمّا بقـيّة الخـمور فمنها ما يشتمل على المادة الألكليّة بنسـبة العشرة في المائة ، ومنها غير ذلك ممّا لا حاجة إلى ذكره . كما أنها في الفقّاع بنسبة الخمسة في المائة ـ كذا في بعض الكتب الكيمياوية الحديثة ـ وأمّا الاسـپرتو وجـوهر الخمر فهو عبارة عن نفس المادّة الألكليّة التي منها تتكـوّن المسـكرات على اختلاف أقسـامها وهي غير قابلة للشرب بوجه ، وهذا هو الذي حكمنا بطهـارته على طبق القاعـدة . فالعَرَق والأسـپرتو موضـوعان متغايران وإن اشـتركا في بعض مقدّمات صنعهما وتحصيلهما .
ــ[42]ــ
[ 77 ] مسألة 5 : إذا شكّ في مائع أ نّه مضاف أو مطلق فإن علم حالته السابقة اُخذ بها ((1)) وإلاّ فلا يحكم عليه بالاطلاق ولا بالاضافة ، لكن لا يرفع الحدث والخبث ، وينجس بمـلاقاة النجاسـة إن كان قليـلاً ، وإن كان بقـدر الكـر لا ينجس ، لاحتمال ((2)) كونه مطلقاً والأصل الطّهارة (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|