ــ[95]ــ
نعم ، لا يبعد كفاية ما يكون ساتراً من جهة طليه بالنشاء ونحوه لا بنفسه (1) وإن كان الأحوط كونه كذلك بنفسه .
[ 902 ] مسألة 3 : لا يجوز التكفين بجلد الميتة (2) ولا بالمغصوب (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وثوب ـ لا أقل منه يواري فيه جسده» فاعتبار الستر والمواراة في مجموع الكفن ممّا لا مفرّ عنه .
وأمّا وجه اعتبار كون كل قطعة من القطعات ساترة ، فلما قدّمناه من أنّ الواجب انحلالي ، وكل من المئزر والقميص والازار كفن واجب باستقلاله وقد اُخذ في مفهوم الكفن الستر والمواراة ، فيقال: كفّن الخبزة في الملّة ـ أي الرماد الحار ـ واراها بها، وهو نوع من طبخ الخبز ، وكفّن الجمر بالرماد أي غطاه به ، ومعه يعتبر أن يكون كل من المئزر والقميص والازار ساتراً وموارياً للجسد .
(1) إذ لا يعتبر في الكفن أن يكون ساتراً بنفسه فلو كان ستره من جهة النشاء كفى في الامتثال .
واحتمال أنّ الستر حينئذ بالنشاء لا بالكفن ، مندفع بأنّ النشاء ليس له وجود مستقل غير وجود الكفن ليستند الستر إليه ، وإنّما يستند الستر إلى الكفن المشتمل على النشاء ، ومن هنا لم يحتمل أحد عدم كفاية مثله في الساتر الصلاتي الّذي يجب أن يكون ثوباً ، نظراً إلى أنّ الساتر هو النشاء ، ولا وجه له سوى ما ذكرنا من أنّ الكفن هو الساتر ولو لاشتماله على النشاء ، لا أنّ الساتر هو النشاء .
عدم جواز التكفين بجلد الميتة
(2) لما استفدناه من اعتبار الطهارة في الكفن حتّى أ نّه لو تنجّس بعد تكفينه وجب غسله أو قرضه ، فإذا كانت النجاسة العرضية مانعة عن التكفين فالنجاسة الذاتيّة مانعة عن صحّة التكفين بطريق أولى .
عدم جواز التكفين بالمغصوب
(3) لحرمة كل فعل متعلّق بالمغصوب ومنه تكفين الميِّت به ، وقد ذكرنا في محلِّه أن
ــ[96]ــ
أمثال المقام ليس من موارد اجتماع الأمر والنهي ، فانّ الحرمة إذا كانت ناشئة من الموضوع ـ كما في المقام وفي الوضوء بماء مغصوب ـ فهو من النهي عن العبادة أو الواجب ، وهذا بخلاف ما إذا كان مكان الوضوء غصبياً فانّه من موارد الاجتماع . وعليه لا يجوز التكفين بالمغصوب سواء قلنا بجواز الاجتماع أم لم نقل ، بل لو كفن به وجب نزعه وردّه إلى مالكه .
بل لو علم ذلك بعد الدفن وجب نبشـه إن أمكن ، فانّ التكفين به كلا تكفين فلا مناص من تكفينه ثانياً بعد نزع المغصوب منه امتثالاً للأمر بالتكفين .
وقد يتوهّم ـ كما توهّم ـ أنّ التكفين واجب توصلي ولا يعتبر في سقوطه قصد التقرّب ، إذن لا مانع من الحكم بسقوط الأمر به بالتكفين بالمغصوب وإن كان ذلك عصياناً ومحرماً على المكلّف لوجوب ردّه إلى مالكه .
ويندفع بأنّ الواجب التوصّلي إنّما يفترق عن التعبّدي بعدم اعتبار قصد القربة والاضافة إلى الله تعالى في الاتيان به ، ومن ثمة يتحقق الامتثال في التوصليات بمجرّد الاتيان بها . وهذا بخلاف الواجب التعبّدي إذ يعتبر فيه قصد التقرّب والاضافة إلى الله سبحانه إمّا شرعاً ـ كما على مسلكنا (1) ـ وإمّا عقلاً ـ كما ذكره صاحب الكفاية (2) ـ فلو أتى به من دون ذلك لم يسقط أمره ولم يكن امتثالاً له ، ولا فرق بينهما زائداً على ذلك . وإذا كان العمل محرماً في نفسه ـ كما في المقـام ـ لا يعقل أن يحصل به الامتثال بلا فرق في ذلك بين التوصّلي والتعبّدي ، وذلك لعدم إمكان أن يكون المحرم مصداقاً للواجب ، وليس معنى التوصّلي أنّ الحرام يمكن أن يكون مصداقاً للواجب .
نعم ، في المقدّمات الخارجيّة عن الواجب ـ أي المقدمات الّتي نعلم بعدم مدخليتها في الواجب ـ لو أتى بها في ضمن أمر حرام لم يضر ذلك بالامتثال كما إذا ركب دابة مغصوبة ومشى بها إلى الحج فانّه لا يمنع عن صحّة حجّه ، وذلك لخروج المقدّمة عن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 165 ـ 172 .
(2) كفاية الاُصول : 72 .
ــ[97]ــ
ولو في حال الاضطرار((1)) (1) ولو كفن بالمغصوب وجب نزعه بعد الدفن أيضاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الواجب وعدم كون المقدمة واجبة حتّى بالوجوب الغيري على مسلكنا . نعم ، هي متصفة به على المشهور ، إلاّ أنّ الوجوب الغيري لا يترتب عليه أثر في المقام ، ومنه تطهير الثوب الّذي هو مقدمة للصلاة فانّه أمر يتحقق بالماء المغصوب أيضاً ، إذ لا يشترط في التطهير إباحة الماء إلاّ أ نّه أمر خارج عن المأمور به كما هو ظاهر . وأمّا الواجب فيستحيل أن ينطبق على الحرام بلا فرق في ذلك بين التعبّدي والتوصّلي .
نعم ، لا مانع من الالتزام بسقوط الواجب التوصّلي بالمحرم إذا قام عليه دليل ولكنّه لا دليل عليه في المقام . وقد ذكرنا في محله أنّ المبغوضية والحرمة إذا كانتا ناشئتين من قبل الموضوع ـ كما في المقام وفي التوضؤ بماء مغصوب ـ يكون العمل بنفسه وعنوانه متعلّقاً للنهي ، وهو من النهي في العبادة وليس من بحث اجتماع الأمر والنهي ليبتني الحكم بالفساد على القول بالامتناع وتقديم جانب النهي .
إذن يتم ما ذكره الماتن (قدس سره) من عدم جواز التكفين بالمغصوب ولو في حال الاضطرار ـ أي فيما إذا لم يوجد كفن آخر غيره ـ وذلك لوضوح أنّ ذلك لا يسوّغ التصرّف في المغصوب بل يدفن عارياً حينئذ .
(1) إن كان ذلك راجعاً إلى خصوص التكفين بالمغصوب فقد عرفت صحّته ، وأمّا لو كان راجعاً إلى كل من التكفين بالمغصوب والميتة فلنا مطالبة الماتن بالدليل على عدم جواز التكفين بالميتة عند الاضطرار ، وذلك لأ نّه (قدس سره) يرى جواز الانتفاع بالميتة فيما لا يشترط فيه الطهارة ، ويأتي منه (قدس سره) أن اشتراط الطهارة في الكفن مختص بصورة التمكّن والاختيار . إذن لا مانع من التكفين بالميتة عند عدم التمكّن من غيرها . اللّهمّ إلاّ بناءً على عدم جواز الانتفاع بالميتة مطلقاً وهو على خلاف مسلكه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا في المغصوب وأمّا في جلد الميتة فالأحوط وجوباً التكفين به .
|