ــ[393]ــ
ولا فرق في كيفية الغسل بأحد النحوين بين غسل الجنابة وغيره (1) من سائر الأغسال ((1)) الواجبة والمندوبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما يعتبر في الترتيبي يعتبر في الارتماسي أيضاً ، فكما أنه لا بدّ من إيصال الماء إلى جميع أجزاء البدن في الترتيبي فلو ترك بمقدار شعرة واحدة متعمداً دخل النار ، على ما في الخبر(2) كذلك الحال في الارتماسي بعينه ، لأنه هو هو بعينه سوى أنه لا يعتبر فيه الترتيب . وعليه فلو كان شعره كثيفاً مانعاً عن وصول الماء تحته أو احتمل مانعيته يجب تخليله وإزالة المانع عن وصول الماء إلى البشرة كبقية الموانع ، وذلك تحصيلاً للقطع بالامتثال أو لحكم العقل بافراغ الذمة عما اشتغلت به .
(1) هذا بناء على ما قدمناه من أن الارتماسي والترتيبي طبيعة واحدة وإنما يختلفان بحسب الكيفية فقط ، فان سائر الأغسال وإن لم ترد كيفيتها في رواية إلاّ أن العرف يستفيد مما ورد في كيفية غسل الجنابة أن الكيفية الواردة فيه غير مختصّة به ، لأن الأغسال طبيعة واحدة وإنما الاختلاف في أسبابها . وإنما تصدوا (عليهم السلام) لبيان الكيفية في الجنابة دون غيرها لأن الابتلاء بها أكثر من الابتلاء بغيرها من الأسباب فتصدوا لبيان كيفيته حتى يظهر الحال في غيرها من ذلك البيان ، فبما أن غسل الجنابة له فردان من طبيعة واحدة أعني الترتيبي والارتماسي وهما يكفيان عنه فلا محالة يكفيان عن بقية الأغسال الواجبة أيضا .
ويؤيِّد ما ذكرناه ما رواه في الفقيه من أنّ غسل الحيض والجنابة سواء(3) ، وما ورد في أنّ الجنب إذا ابتلي بالحيض لا يغتسل بل يصبر إلى أن تنقضي أيام حيضها وبعده تغتسل غسلاً واحداً عن الجميع(4) ، وما دلّ على أنّ الغسل الواحد يجزئ عن الحقوق المتعدِّدة(5) حيث تدلّ على أن الأغسال طبيعة واحدة وإنما الاختلاف في الأسباب .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا في غير غسل الميت ، حيث لا يشرع فيه الارتماس .
(2) وهي صحيحة حجر بن زائدة . الوسائل 2 : 175 / أبواب الجنابة ب 1 ح 5 .
(3) الوسائل 2 : 265 / أبواب الجنابة ب 43 ح 9 ، الفقيه 1 : 44 / 173 .
(4) الوسائل 2 : 263 / أبواب الجنابة ب 43 ح 5 ، 6 وغيرهما .
(5) الوسائل 2 : 261 / أبواب الجنابة ب 43 ح 1 .
ــ[394]ــ
نعم في غسل الجنابة لا يجب الوضوء بل لا يشرع (1) بخلاف سائر الأغسال (2) كما سيأتي ((1)) إن شاء الله .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا إذا قلنا بأن الارتماسي أمر أجنبي مسقط عن المأمور به فلا وجه للحكم بكفايته في بقية الأغسال ، لأنّ مورد الأخبار الدالّة على إجزائه وكفايته إنما هو غسل الجنابة ، ولا دليل على كفايته عن بقيّة الأغسال ، كما نسب إلى العلاّمة التوقف في ذلك في بعض كتبه .
لا يشرع الوضوء مع غسل الجنابة
(1) وذلك لقوله سبحانه : (إذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلـوةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ا لْمرَافِقِ ـ إلى قوله ـ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا )(2) فان التفصيل قاطع للشركة فيستفاد من الآية المباركة أن وظيفة غير الجنب هي غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين ، وأما وظيفة الجنب فهي الاغتسال ، فكما أن غير الجنب لا يشرع في حقه الاغتسال فكذلك الجنب لا يشرع في حقه الوضوء . وقد ورد في الأخبار أن غسل الجنابة ليس قبله ولا بعده وضوء(3) فالكتاب والسنّة متطابقان على عدم مشروعية الوضوء مع غسل الجنابة .
(2) أي يشرع فيها الوضوء ، وذلك لإطلاقات الأمر به وعدم دلالة دليل على نفي مشروعيته كما في غسل الجنابة . نعم هناك بحث آخر يتعرض له الماتن بعد الأغسال وهو وجوب الوضوء مع بقيّة الأغسال وعدم وجوبه ، حيث ورد أنه «أي وضوء أنقى من الغسل»(4) وغيره مما يدلّ على عدم وجوبه ، ونحن أيضاً لنتعرّض له هناك . وهما
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ويأتي الكلام على ذلك [ في المسألة 1055 ] .
(2) المائدة 5 : 6 .
(3) الوسائل 2 : 246 / أبواب الجنابة ب 34 .
(4) الوسائل 2 : 247 / أبواب الجنابة ب 34 ح 4 .
|