ــ[383]ــ
ولا الموالاة العرفية بمعنى التتابع ولا بمعنى عدم الجفاف(1)، فلو غسل رأسه ورقبته في أوّل النّهار والأيمن في وسطه والأيسر في آخره صح ، وكذا لا يجب الموالاة في أجزاء عضو واحد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتقدِّمة الواردة في نسيان بعض الأعضاء(1) ، حيث دلّت على أنه يغسل ذلك الموضع أو يمسح بيده عليه ، فان الغسل من الأعلى إلى الأسفل لو كان واجباً للزم أن يفصّل بين ما إذا كان المنسي أسفل الجزء وما إذا كان من الأجزاء العالية ، فانه في الصورة الثانية لا بدّ من غسله وما بقي إلى آخر العضو حتى يتحقق الغسل من الأعلى إلى الأسفل . وهي وإن كانت واردة في النسيان إلاّ أنه يدلّنا على عدم لزوم الترتيب بين الأعلى والأسفل باطلاقها .
عدم اعتبار الموالاة في الغسل
(1) وذلك مضافاً إلى المطلقات كقوله في صحيحة زرارة : «ثمّ تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك»(2) لعدم تقييدها بكون الغسل متوالياً بل له أن يغسل عضواً أوّل الصبح وعضوه الآخر عند الزوال ، تدلّ عليه جملة من الأخبار .
منها : صحيحة محمّد بن مسلم الواردة في قضية الجارية حيث أمر (عليه السلام) الجارية بأن تغسل رأسها وتمسحه مسحاً شديداً وتغسل جسدها عند إرادة الإحرام(3) .
ومنها : ما ورد في مضمرة حريز من قوله (عليه السلام) : «وابدأ بالرأس ثمّ أفض على سائر جسدك ، قلت : وإن كان بعض يوم ؟ قال : نعم» (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2 : 260 / أبواب الجنابة ب 41 ح 2 . وقد تقدّمت في ص 377 .
(2) تقدّم ذكرها في ص 381 .
(3) الوسائل 2 : 237 / أبواب الجنابة ب 29 ح 1 .
(4) الوسائل 2 : 237 / أبواب الجنابة ب 29 ح 2 .
ــ[384]ــ
ولو تذكر بعد الغسل ترك جزء من أحد الأعضاء رجع وغسل ذلك الجزء فإن كان في الأيسر كفاه ذلك ، وإن كان في الرأس أو الأيمن وجب غسل الباقي على الترتيب (1) ، ولو اشتبه ذلك الجزء وجب غسل تمام المحتملات ((1)) مع مراعاة الترتيب (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنها : صحيحة إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «إن عليّاً (عليه السلام) لم ير بأساً أن يغسل الجنب رأسه غدوة ويغسل سائر جسده عند الصلاة» (2) .
(1) ما أفاده (قدس سره) على طبق القاعدة ليحصل الترتيب المعتبر بين الرأس والبدن ، وأمّا بين الجانب الأيمن والأيسر فقد عرفت أنه لا يعتبر الترتيب بينهما ، نعم لو قلنا به لصحّ ما أفاده من وجوب غسل الموضع الباقي في الجانب الأيمن ثمّ إعادة غسل الأيسر ليحصل الترتيب بينهما .
(2) وذلك للعلم الإجمالي بوجوب غسل موضع من مواضع الغسل ، وحيث إنه غير معيّن فيجب غسل الجميع تحصيلاً للقطع بالفراغ ، ولكن هذا إنما يتم فيما إذا كان الموضع غير المغسول في عضو واحد كما إذا علم بأنه ترك غسل جزء من أجزاء رأسه فيجب غسل جميع الرأس لما مر ، أو علم بأنه ترك غسل جزء من أجزاء بدنه فيجب غسل الجميع بناء على عدم الترتيب بين الجانبين . وأمّا بناء على الترتيب بينهما فكما إذا علم ببقاء جزء من طرفه الأيمن فقط فيغسل جميع ذلك الطرف وهكذا .
وأمّا إذا كان المعلوم بالإجمال مردّداً بين عضوين مترتبين كما إذا علم بأنه ترك جزءاً من رأسه أو من بدنه بناء على عدم الترتيب بين الجانبين ، وأمّا بناء عليه فكما إذا علم بترك جزء من رأسه أو من جانبه الأيمن ، فمقتضى إطلاق عبارة الماتن أيضاً وجوب الاحتياط حينئذ . إلاّ أن الصحيح أنه لا يجب عليه الجمع بين الأطراف
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل يكتفي بغسل الجزء المحتمل تركه من العضو اللاحق لانحلال العلم الإجمالي ، فتجري قاعدة التجاوز بالإضافة إلى الجزء المحتمل تركه من العضو السابق .
(2) الوسائل 2 : 238 / أبواب الجنابة ب 29 ح 3 .
|